صرفت فعلي في الأسى وقولي – ابن نباتة المصري
صرفت فعلي في الأسى وقولي … بحمد ذي الطول الشديد الحول
يالائماً ملامه يطول … إسمع هديت الرشد ما أقول
كلامك الفاسد لست أتبع … حد الكلام ما أفاد المستمع
أفدي غزالاً مثلوا جماله … في مثل قد أقبلت الغزاله
ما قال مذ ملك قلبي واسترقّ … كقولهم رب غلام لي أبق
للقمرين وجهه مطالع … فهي ثلاث ما لهن رابع
لأحرف الحسن على خديه خط … وقال قوم انها اللام فقط
داني المزار يحذر الضنين … عليه مثل بان أو يبين
كتمته والحسن ليس يجتلى … والاسم لا يدخله من وإلى
منفرد بالحب في دار الهنا … مثاله الدار وزيد وأنا
لا يختشي ملاعب الظنون … والأمر مبني على السكون
في خده التبري هان نشبي … وقيمة الفضة دون الذهب
فاصرف عليها ثروة تستام … فما على صارفها ملام
و انفق له دينار من ضن وشح … ولا تبل أخفّ وزناً أم رجح
و إن رأيت قده العالي فصف … وقف على المنصوب منه بالألف
و العارض النوني ما أنصفته … وان تكن باللام قد عرفته
في مثله انظم ان نظمت محسنا … وإن ذكرت فاعلاً منونا
واهاً لها بحرف نون قد عرف … كمثل ما تكتبه لا يختلف
يأتي بنقط الخال في إعجام … وتارة يأتي بمعنى اللام
دونك ان عشقته بين الورى … معظماً لقدره مكبرا
و ان ترد وجنته المنيره … فصغر النار على نويره
كم ومتى جادلت فيه من عذل … ولا وحتى ثم أو وأم وبل
حتى تولت أوجه العذال … وأقبل الغلام كالغزال
للحظه المسكر فعل يطرب … مفعوله مثل سقي ويشرب
فلا تلم عويشقاً فيه تلف … ولا سكيران الذي لا ينصرف
لا تلح قلبي في الهوى فتتعبا … وما عليك عتبه فتعتبا
جسمي وذاك الخصر والجفن الدنف … هنّ حروف الاعتدال المكتنف
بجفنه نادى الهوى يا للشجي … وكل ياءٍ بعد مكسور تجي
يا جفنه الناصب فيه فكري … ونصبه وجره بالكسر
إن قيل للظبي هنا إلمام … فاكسر وقل ليقم الغلام
و يا مليحاً عنه أخرت القمر … إما لتهوان وإما لصغر
كرر فما أحلى لسمعي السامي … قولك يا غلام يا غلامي
و ارفق بمضناك فما سوى اسمه … و لا لغير ما بقى من رسمه
فقد حكى العداة بالوقوف … فاعطف على سائلك الضعيف
أفقرت في الحسن الغواني مثلما … قالوا حذامي وقطامي في الدما
فافخر بمعنى لحظك المعشوق … في كل ما تأنيثه حقيقي
يالك لحظاً بسعاد أزرى … وجاء في الوزن مثال سكرى
حتى اسمه منتقص لمن وعى … كما يقال في سُعاد يا سُعا
يا واصفاً أوصاف ذياك الصبا … تمّ الكلام عنده فلينصبا
هيهات بل دع عنك ما أضنى وما … وعاص سباب الهوى لتسلما
و حبر الأمداح في عليّ … قاضي القضاة الطاهر التقيّ
بكل معنى قد تناها واستوى … في كلمٍ شتى رواها من روى
باكر إلى ذاك الحمى العالي وصف … اذا درجت قائلا ولم تقف
دونك والمدح ذكياً معجباً … نحو لقيت القاضيَ المهذبا
ذو الجود والعلم عليه أرسى … وهكذا أصبح ثم أمسى
فاضرع الى قارٍ لقاء نافع … واقرع الى حامي حماه المانع
يقول للضيف نداه حب وهل … ومثله ادخل وانبسط واشرب وكل
إذا ظفرت عنده بموعد … يقول كم مال أفادته يدي
له يراع كم له في خطره … حماية منظومة مع درّه
في الجود واليأس وفي العلم وفي … ذلك منسوب اليه فاعرف
فقولهم أبيض في الهبات … كقولهم أحمر في الصفات
شم حدّه يوم الندى والبأس … فإنه ماضٍ بغير لبس
لله ما ألينه عند العطا … وما أجد سيفه حين السطا
يهزه ذو الرفع في العلاء … والجزم في الفعل بلا امتراء
حبر له يثني الثناء قصده … وخلفه وإثره وعنده
إن قال قولاً بين الغرائبا … وقام قسّ في عكاظ خاطبا
وان سخا أتى على ذي العددِ … والكيل والوزن ومذروع اليدِ
معطل السمع من العذال … فحاله مغير بحال
الفضل جنس بيته المهنى … ونوعه الذي عليه يبنى
سامَ به أهل العلى جميعاً … وادفع ولا ردًّا ولا تفريعا
وإن ذكرت أفق بيت قد نما … فانصب وقل كم كوكباً يحوي السما
بيت نظيم المجد والعلاء … عند جميع العربَ العرباء
يقرّ من يأتي له أو اقترب … وكل منسوب الى اسم في العرب
تقول مصر في علاه الواجبه … كقول سكان الحجاز قاطبه
أبنية الأنصار طلاّع الفنن … و زاد مبنى حسنه أبو الحسن
جار إذا ما امتدت الأيادي … تقول هذا طلحة الجواد
اذا اجتليت في العطا جبينه … أو استشرت للرجا يمينه
تقول قد خلتُ الهلال لائحاً … وقد وجدت المستشار ناصحا
كم بالغنى عنه تولى راحل … وواقف بالباب أضحى السائل
فياض سيب في الورى فلم يقل … في هبة ٍ يا هبَ من هذا الرجل
قال له الشرع امض ما تحاوله … واقض قضاء لا يردّ قائله
وأنت يا قاصده سر في جدد … واسع الى الخيرات لقيت الرشد
إن تكتحل سناه تلقى الرشدا … وأين ما تذهب تلاق سعدا
فافخر به سحب الحيا إن صابا … واستوت المياه والأخشابا
ولا تقل كان غماماً ورحل … كان وما انفك الفتى ولم يزل
باب سواه اهجر عداك عيبُ … وصغّر الباب فقل بويبُ
هذا الذي يفعل فينا الطولا … فقدم الفاعل فهو أولى
جود به أنسى أحاديث المطر … فليس يحتاج لها الى خبر
مثل الهبا فيه كلام العذّل … والريح تلقاء الحيا المنهل
وبحر شعر خضته لذكره … وغصت في البحر ابتغاء درّه
حنى ملا عيني نداه عينا … وطبتُ نفساً إذ قضيتُ دينا
دونكها معسولة الآداب … ممزوجة بلمحة الاعراب
مضى بها الليل مضيّ الأنجم … وبات زيدٌ ساهراً لم ينم
فافتح لها باب قبول يجتلى … وان تجد عيباً فسدّ الخللا
لازلت مسموع الثنا ذا مننِ … جائلة دائرة في الألسن
ما لعداك راية تقام … وليس غير الكسر والسلامُ