حيينا فإنا في رضى حبهم متنا – ابن نباتة المصري
حيينا فإنا في رضى حبهم متنا … وصح لقانا بالغيوب فما غبنا
وقلنا وقد جاء البشير فبشرنا … أحبتنا صدّوا وقد علموا أنا
بعدنا عياناً والقلوب على المنى … منى القلب لا تخلوا لديها من الجنا
فيا حبذا الأحباب والبين بيننا … منعنا جناهم فاغتذينا بأننا
لهم نعم ملء الأيادي مباحة ٌ … لها راحتا جود وللبحرراحة ٌ
و مهما عرتنا من صدود إجاحة ٌ … لنا برحاء القرب في البعد راحة ٌ
سقى جفني البسام سفح المقطم … وحام عليها نوء دمع ومهزم
فكم في حماهم من شجي القلب مغرم … وكم في ذراهم من مشوق متيم
و كم مستهام صادح بحنينه … دفين الاسى يبكي لأجل دفينه
و كم ذي بكى يروي عن ابن معينه … وكم ذي سقامٍ شعر بأنينه
و كم ثم من أغصان غيد ثنيننا … إلى العهد لا تلوي من الوعد بيننا
و رب ظباً عارضننا ورميننا … وأعين عين رعننا ورعيننا
علون وأظهرن الجمال مثابة … تخال لها عند الشموس قرابة
و لم تبق من أرواح قوم صبابة … تجافيننا حتى فتنا صبابة
يجن سواد الليل لي بعد قربكم … ويضحى نهاري باسماً عند عتبكم
فلله ليل ما أجن لصبكم … سلوا إن شككتم في جنوني بحبكم
نهاري بأخبار الرضا يتبسم … وليلي الى روح الرجا يتنسم
و جوهر روحي منكم يتقسم … تبشرني الألطاف بالقرب منكم
و ما أحسن الدنيا نعيماً ومنسكاً … بدولة سلطان محا شكوَ من شكا
بمطلب جود لم يخف منه مهلكاً … فسهل للدنيا وللدين مسلكا
فيارب أيد دولة الملك الذي … روى حسن الأوصاف عن عرفها الشذي
لقد أخذت في ملكها خير مأخذ … بسهمي ثناء أو دعاءٍ منفذ
مليك وجدنا بابه الرحب معدنا … لكسب الثنا والأجر والملك موطنا
فجاء الرجا من كل ناحية بنا … وفاضت بحور الشعر بالمدح والهنا
وزدنا به من رائق العيش صفوه … وجّوز من بعد التحرّج زهوه
و لما رأينا الجد بالجود لهوه … ركبنا المطايا والسوانح نحوه
جرين بنا كالسفن جري السوابح … إلى باب قصرٍ سافر النجح سافح
سوائر من غاد اليه ورائح … عمرنا وعمّرنا بيوت المدائح
مليك له في اسم وفعل بنصره … عوائد من سّر الجميل وجهره
و لما نصرنا في الحروب بذكره … قصرنا على كسب الغنى باب قصره
لنا ملك قد كمل الله فضله … فخوله ملك البسيطة كله
بجد وجمع جمّع الفضل شمله … هو البحر إلا أننا سمكٌ له
مباديه في العلياء غايات من مضى … من الحائزين الملك يعنو له القضا
له صارم عزم وحزم قد انتضى … فكم حاكم بالعدل في وصفه رضا
يحق لشعري أن يطيش نباته … سروراً بسلطان وفت لي صلاته
و مدح تسامت كل يوم رواته … إلى روض قول باكرت زهراته
لذكرك يا أوفى الملوك الأكارم … عفا طلل من ذكر معنٍ وحاتم
كأنك عنهم قد ختمت بخاتم … فحاتم طيّ ما له بشر باسم
لعمري لو كانوا نجوماً ترفعت … وأحملها ضوء الصباح فأقلعت
ممدحة يوم النوال تورعت … وكانوا بحارا في زمان توزعت
إلى أن تجلت طلعة ناصرية … جلت دولة من ملكها قاهرية
ملية أبيات العطا قادرية … وكان عطا معن القرى نادرية
فلا زال للإسلام ملكاً وناصراً … وللمال والأعدا مبيداً وقاهراً
ولازال كل الناس أصبح شاعراً … يقيم لوزني شعره البر وافراً
و حقك لا أنسى ببابك ثروتي … مرتبة في حال ضعفي وقوتي
و لا قلت ما قال ابن جرح لعسرتي … أذو صنعة فاستخدموني لصنعتي