أبى الزّمانُ سوى ما يكره الشّرفُ – الشريف المرتضى

أبى الزّمانُ سوى ما يكره الشّرفُ … والدَّهرُ صَبٌّ بإسخاطِ العُلا كَلِفُ

لو كان شخصٌ تفوت الحزنَ مهجتهُ … لكنتَ ذاك، ولكنْ ليس تُنْتَصَفُ

إذا بَقِيتَ فمن يَعْدوك مُحتَسَبٌ … فى الشّمسِ ما أشرقت عن كوكبٍ خلفُ

إذا تيقّنتِ الأرواحُ بعثتها … إلى الحِمامِ فماذا ينفعُ الأسفُ 

وكيف تُخْطي سهامُ الموتِ مُفْلِتَة ً … مَنْ نَحرُهُمْ لحِنيَّاتِ الرَّدى هدفُ؟

يَسعى الفتَى وخيولُ الموتِ تطلبُهُ … وإنْ نَوى وقفة ً فالموتُ ما يقفُ

نَلقى منَ الدَّهرِ ما يُدمي محاجرَنا … وما لنا عن هوَى رؤياهُ مُنْصَرَفُ

أفعالُنا للرَّزايا فيه مُنكِرة ٌ … ونطقُنا بارتحالٍ عنه مُعترِفُ

” إنْ لم توفِّ ” لياليه مكارهها … فقد تقدّم فى أرزائها سلفُ

كلُّ المواطنِ من كفِّ الرَّدَى كَثَبٌ … وكلُّ أرضٍ على هولِ الرَّدى شَرَفُ

لا درَّ درُّ اللّيالى أخذها فرصٌ … ومنعها غصصٌ بل جودها سرفُ

إذا حزنتَ فقلبُ المجد مكتئبٌ … وإنْ قُذِيتَ ففي وجهِ الضُّحَى سَدَفُ

ولو علمتَ ببسطِ الدَّهرِ قبضتَهُ … إلى فِنائِك ما طالتْ له كَتِفُ

لكنّه سارقٌ يخفى زيارته … وليس من سطوة ِ السُّرّاقِ مُنتَصَفُ

إنْ كان أطلق فيك الدّهرُ منطقه … فقد دعاك لسانٌ حشوهُ كففُ

أو كان ألْهَبَ في مَغناك سابقَهُ … فقد ثناه برجلٍ ملؤها حنفُ

يهدى العزاءَ إلى المفقودِ مفتقدٌ … مؤزَّرٌ بثيابِ الموتِ مُلتحفُ

ويصرف الهمَّ عن قلبٍ أطاف به … مَن قلبُهُ لِنَواصي الهمِّ مُكتنفُ

إنَّ الّتي أَضْرمتْ أحشاءَنا جَزَعاً … تلقاك منها غداً في الجنَّة ِ الزُّلَفُ

ولن يُذكِّرَك المُسْلونَ مَوعظة ً … وأنتَ تعلمُ منها فوقَ ما وَصَفوا