في أخريات الربيع – بدر شاكر السياب
أقبلي فالربيع ما زال في الوادي فبلي صداك قبل احتضاره
لا تصيب العيون إلا بقاياه و غير الشرود من آثاره
دوحة عند جدول تنفض الأفياء عنها و ترتمي في قراره
و على كل ملعب زهرة غيناء فرت إليه من أياره
في المساء الكئيب و المعبر المهجور و العابسات من أحجاره
مصغيات تكاد من شدّه الإصغاء أن توهم المدى بانفجاره
أرمق الدرب كلما هبّت الريح وحف العتيق من أشجاره
كلما أذهل الربى نوح فلاح يبث النجوم شكوى نهاره
صاح يا ليل فاستفاق الصدى الغافي على السفح و الذي في جواره
فإذا كل ربوة رجع يا ليل و نام الصدى على قيثارة
أين منهن خفق أقدامك البيضاء بين الحشيش فوق اخضراره
مثل نجمين أفلتا من مدارين فجال الضياء في غير داره
أو فراشين أبيضين استفاقا يسرقان الرحيق من خماره
أنت في كل ظلمة موعد و سنان ما زال يومه في انتظاره
لا يوجد تعليقات حالياً