الشاعر والعود – محمد مهدي الجواهري
ما سَمِع السامعونَ آسى … من شاعرٍ ضَيمَ في العراقِ
ألوى على عوده شَجيّاً … يبُثُه فَرْطَ ما يُلاقي
إذا بكى ارتدَّ يبكي … شَجْواً لألحانه الرِقاق
في ذمةِ الله ما تُلاقي … يا عودُ منّي وما أُلاقي
روحانِ مني ومنكَ باتا … من وَطأة الهمِّ في الترَاقي
ما ضاق منك الخِناقُ يوماً … لو نفَّسَ الدهرُ عن خِناقي
يا دهرُ خُذني واحلُلْ وَثاقاً … أرهَقَ عُودي واحلُلْ وَثاقي
أو لا فحِّولْ أنّةَ أسري … عنه إلى نغمةِ انطلاق
فَغَمْغَمَ العودُ واستجاشَت … أشجانُهُ خطرةً الفِراق
اِسْلَمْ رفيقَ الصِّبا ، ألوفٌ … تفدِّيك مثلي وأنتَ باق
قبلكَ واسيتَ ألفَ شاكٍ … والفَ حاسٍ وألفَ ساق
من فضلِ ما أوحت الرزايا … إليَّ مُيِّزت عن رفاقي
أقول لما انبرتْ غُصونٌ … أعوادَها تبتَغي لَحاقي
أحْملْنَ مثل الذي أُلاقي … من اصطباحي أو اغتباقي
طارِحنَ مثلي أخا شجونٍ … شاركنَ مثلي اخا اشتياق
ربَّ نهارٍ كنتُنَّ فيه … جنباً إلى جنب في اعتناق
قضيته جنبَ ذي شجونٍ … أخافُ من بثِّه احتراقي
وربَّ ليلٍ سهِرتُ فيه … أشدو حزيناً مع السواقي
اصبْر قليلاً يا عودُ إنّا … عما قريبٍ إلى افتراق
حملتَ عني ماضي همُومي … فاحمل قليلاً من البواقي
وَلَّى شبابي إّلا بقايا … ضحيةَ القلب والمآقي
والنفسُ تأبى إّلا انطلاقاً … والدهرُ يأبى إّلا ارتهاقي
والحزنُ لم يدخر صُباباً … يُبقه في كأسِه الدِهاق
اَلانِطفائي كان اشتعالي … اَلاحِتراقي كانَ ائتلاقي
وحين جاء الظلامُ يُرخي … سِتراً على الأوجه الصِّفاق
ورفَّ روحُ السلامِ يُخفي … غريزةَ الحِقْدِ والنِفاق
باتَ بطيّاته فؤادٌ … يشكُرُ لُطفَ الموت الذعاق
وجنبَه عودُهُ يُناغي … حَشرجةَ الصدرِ في السياق
الى التلاقي ” عودي” وداعاً … وكيف بعدَ الموتِ التلاقي
اقرأْ سلامي على الرزايا … أعني سلامي على الرفاق
ذاك أديبٌ مات اضطهاداً … ذاك هو الشاعرُ العراقي