استعطاف الأحبة – محمد مهدي الجواهري
كلُّ ما في الكون حب وجمالُ … بتجليك وان عز َّ المنالُ
بسط النور فكم ثائر بحر … هادئاً بات ، وكم ماجت رمال
ورياض ضاحَكَ الزهرَ بها … ثغرُك الصافي وناجاها الخيال
وسهول كاد يعرو هَضْبَها … نزقٌ من صبوة لولا الجلال
ما لمن يهوى جمالا زائلا … وعلى البدر جمال ما يُزال
لا عدمِناك مروجاً للهوى … جدَة فيها ، وللدهر اقتبال
عيشُنا غض وميدان الصبا … فيه مجرىً للتصابي ومجال
يا أحباي وكم من عثرة … سلفت ما بالُ هذي لا تقال
علَّلونا بوعود منكم … ربما قد علل الظمآنَ آل
وعدوني بسوى القرب فقد … شفَّني الهجرانُ منكم والوصال
لا أمَّل العيش ما شئتم فكونوا … لسوى حبكم يحلو الملال
أمن العدل وما جُزْتُ الصبا … ومداه يألف الشيبَ القذال
إنها أنفُسُ لم تخلق سدى … ورقيقات قلوب لا جبال
أشتكى منكم وأشكو لكمُ … إنَّ دائي في هواكم لعُضال
فعلى الرفق كفاني في الهوى … ما أُلاقي ، وكفاكم ذا المِطال
ألذنبٍ تصطلي حَرَّ الجْوى … مهجٌ كانت لها فيكم ظِلال
أرتجيها صفوة منكم وأن … زَعَموها بغيةً ليست تنال
إنما أغرى زماني بكم … نِعَمٌ طابت وأيام طِوال
لا أذُم الدهر هذي سُنة : … للهنا حال وللأحزان حال
قد حثثناها مطايا صبوة … لكُمُ أوشك يعروها الكلال
ورجعنا منكمُ خِلواً ولو … أكلت منهن آمال هزال
لا تقولوا : هجرُنا عن علة … ربما سَرَّ حسوداً ما يقال
أنا من جربتموه ذلك الطاهرُ … الحبِ إذا شِينت خِصال
شيم هذَّبْنَ طبعي في الهوى … مثلَّما يجلو من السيف الصِّقال
أيها الناعمُ في لذاته : … لذةُ النفس على الروح وَبال
شهوة غرَّتك فانقدْتَ لها … ومُنى المرء شعور وكمال