أخي الياس – محمد مهدي الجواهري

أخي إلياسً : ما أقسى اللَّيالي … تُنيخُ بكَلْكَلٍ وتقولُ : مالي

تَسَمَّعُ إذ تَصامَمُ للنَّجاوى … وتَهْمِسُ إذ تخارسُ للنِّمال

وتخدَعُنا بمُقْمِرةٍ لَعُوبٍ … وتَرمينا بقوسٍ من ” هِلال”

وتُعطينا اللَّذاذةَ عن يمينٍ … وتطعنُنا دِراكاً بالشِّمال

وتَفرُشُنا أمانيَ من حريرٍ … وفي طيَّاتِها سُمُّ الصِّلال

وتُدنينا ، وتُبعِدُنا ، وتلهو … بِنا لهوَ العواصف بالرِّمال

ونَلْمِسُها ، وتَلْمِسُنا عِياناً … وتمرُقُ مثلَ طَيفٍ من خيال

أخي إلياسً : لا تَخَلِ المُبَقَّى … يُوقَّى ما احتواكَ من الحِبال

كأنَّ الشَّمسَ لم تَطلُعْ علينا … ولم نَنعَم بوارفةِ الظِّلال

ولم نترَوَّ من كأسٍ حرامٍ … ولم نتمَلَّ من سِحْرٍ حَلال

ولم نتمَنَّ أنَّ الدَّهَر خُلْدٌ … وأنَّا لا نصيرُ إلى زَوال

ولم نسخَرْ بما نُملي عليه … ولم يسخَرْ بناسِخةِ الأمالي

أخي إلياسُ : لا وصريحِ وُدٍّ … وعاطفةٍ أرقَّ من الزُّلال

وما شدَّ التَّصافي من عُرانا … وحَّلاها من الفِكَرِ الغوالي

يَميناً لستُ للدُّنيا بقالي … وإنْ كدُرتْ ، ولا عنها بسالي

لأنَّكَ كنتَ تُوصيني بهذا … وتُوصيني به سِيَرُ الرِّجال

ويُوصينا به أنَّا نُواري … حبيباً ، ثمَّ نُعقِبُه بتالي

ونَرجِعُ مِنْ جديدٍ عن فِراقٍ … أليمٍ ، نستزيدُ مِن الوصال

وما أنا مَنْ يُحاولُ أن يُداجي … أحِبَّتَهُ بكذِبٍ أو مُحال

بلى إنّي لَتُعْتَصَرُ اعتِصاراُ … حشايَ ، وأنت محترِبٌ حِيالي