أمان الله – محمد مهدي الجواهري

وَداعا ما أردت لكَ الوَداعا … ولكنْ كانَ لي أملٌ فضاعا

وكمْ في الشرقِ مثلي من مُرَجٍّ … أرادَ لكَ النجاحَ فما استطاعا

وإنَّ يداً طوتكَ طوتْ قلوباً … مرفرفِةً وأحلاماً وِساعا

وقد كانت متى تذكَرْكَ نفسي … تَطِرْ –إذْ تمتلي فرحاً – شَعاعاً

فها هيَ بينَ تأميلٍ ويأسٍ … تُصبَّرُ ساعةً وتجيشُ ساعا

أمان الله والدُّنيا “هَلوكٌ ” … أبتْ إلَّا التحوُّلَ والخِداعا

بغيرِ رويَّةٍ حُبّاً وكُرهاً … إذا كالتْ تُوفّي المرءَ صاعا

تثَّبتْ لا ترعُكَ فليس عدلاً … ولا عَّودتَ نفسكَ أنْ تُراعا

إلهُ الشرِّ جبارٌ عنيدٌ … يحبُّ معَ الجبابرةِ الصراعا

وأحكامُ القضاءِ مغفَّلاتٌ … يُسئنَ إذا انتخبنَ الإِقتراعا

أرى رأسَ ” ابنَ سقاءٍ ” محالاً … يُطيق بتاجكَ الألِقِ اضطلاعا

بلى وأظنّه عمَّا قريبٍ … سيشكو من تحمّله الصدداعا

لقد أودى بعاطفتي ركودٌ … فها أنا سوفَ أندفعُ اندفاعا

تقدَّمْ أيها الشرقيُّ وامددْ … يديكَ وصارعِ الدُّنيا صِراعا

فقد حلَفوا بأنَّك ما استطاعوا … ستبقى أقصرَ الأقوامِ باعا

وأنَّك ما تُشيِّدْ من بِناءٍ … تَجِدْ فيه انثلاماً وانصداعا

وليس بأوَّلِ التيجانِ تاجٌ … أرْدنَ له مطامعُهم ضياعا

فيا لِشقاء شعبٍ مَشرقيٌٍّ … إذا وجدوا به ملِكاً مُطاعا

وهبْ أوفى بـ ” أنقرة ” وأنعمْ … رُواءُ المُلك يَزدهرُ التماعا

فلمْ تكنِ ” البَنيَّةُ ” وهيَ فردٌ … لتعدِلَ ألفَ بنيانٍ تداعى

سأقذِفُها وإنْ حُسِبَتْ شذوذاً … وإن ثقُلتْ على الأذنِ استماعا

فما للحرِّ بدٌّ من مَقالٍ … يرى لضميرِهِ فيه اقتناعا

إذا لم يشْمَلِ الاصلاحُ دِيناً … فلا رُشْداً أفادَ ولا انتفاعا

وأوفقُ منه أنظمةٌ تُماشي … حياةَ الناسِ تُبتدَعُ ابتداعا

أتتْ ” مدنيَّةُ الاسلام ” لمّاً … لشعثٍ لا انشقاقاً وانصداعا

ولا لُترى مواطِنُها خراباً … ولا ليبيتَ أهلوها جِياعاً

ولا لتكونَ للغربيِّ عوناً … يهدَّدُ فيه للشرقِ اجتماعا

وإلَّا ما يُريدُ القومُ منَّا … إذا ألقتْ محَّجبةٌ قِناعا

أعندَ نسائنا منهمْ عهودٌ … بأنَّهُمُ يجيدونَ الدِّفاعا

أإنْ حُلِقتْ لحىً مُلئتْ نِفاقاً … تَخِذْتُمْ شَعرها دِرْعاً مَناعا

رفعتمْ رايةً سوداءَ منها … وثوَّرتمْ بها ناساً وِداعا

عَفتْ مدنيَّةٌ لدمارِ شعبٍ … وديعٍ تخدُمُ الهمجَ الرَّعاعا

همُ نفخوا التمرُّدَ في خِرافٍ … وأغرَوهنَّ فانقلبت سِباعا

ومن خُططِ السياسةِ إنْ أرادتْ … فساد المُلك أفسدَتَ الطّباعا

على أني وإنْ أدمى فؤادي … ليومك ما أضيقُ به ذراعا

أُحمِّلكَ الملامةَ في أُموراٍ … بِطاءٍ قد مشيِتَ بها سِراعا

وقد كانت أناةٌ منكَ أولى … وإنْ كنتَ المجرِّبَ والشجاعا

” وخيرُ الأمرِ ما استقبلتَ منه … وليسَ بأنْ تتبَعهُ اتباعا”

” ولكنَّ الأديمَ إذا تفرَّى … بلىً وتعيُّباً غلبَ الصَّناعا”