أما تَرى الرُّزْءَ الذي أقبلا – الشريف المرتضى
أما تَرى الرُّزْءَ الذي أقبلا … حمَّلَ قلبي الحَزَنَ الأثقلا؟
بليتُ والسّالمُ رهنٌ على … قضيَّة ِ الدَّهر بأنْ يُبْتَلى
مُجَرَّحاً لا حاملٌ جارحي … بكفّه رمحاً ولا منصلا
يقرعُ مروى بأكفّ الرّدى … يردعنى من قبل أنْ ينزلا
وإنْ تأمَّلتُ أوانَ الرَّدى … رأيتُ ليلاً دونه أليلا
كأنَّني أعشى وإنْ لم أكنْ … أعشَى منَ الأمرِ الذي أَثْكلا
يا بؤسَ للإنسان في عيشهِ … يسلُّ منه أوّلاً أوّلا
يَنْأَى عنِ الأهل وما ملَّهمْ … ويُبدلُ الحيَّ وما استبدلا
بين ترى فى ملإ داره … حتّى تراه فى صعيدِ الملا
فقلْ لقومٍ زرعُهمْ قائمٌ: … زرعكمْ لابدَّ أنْ يختلى
وقلْ لمن سُرَّ بتخويلهِ … خوّل منْ يأخذ منْ خوّلا
وقلْ لماشٍ في عِراصِ الرَّدى … أنسيتَ من يستعثر الأرجلا
أسْمَنَك الدَّهرُ فلم تخشَه … وإنَّما أسمنَ مَن أهزلا
إنْ تلفهِ للمرءِ مستركباً … فهو الذى تلقاه مستنزلا
أوْ صانَهُ عن بذلهِ مرَّة ً … فهو الذى يرجع مستبذلا
فلا يغرَّنْك وميضٌ لهُ … ما لاح فى الآفاقِ حتّى انجلى
ولا تصدّقْ مائناً دأبهُ … أن يكذبَ القولَ وأنْ يبطلا
وكلّنا يكرع صرفَ الرّدى … إمّا طويلَ اللَّبْثِ أو مُعْجَلا
فما الذي يُجْزِعُ من طارقٍ … إنْ لم يزرْ يوماً فما أمْهلا؟
نعى إلى قلبى َ شطراً له … منه حقِّه أنْ يلقمَ الجندلا
فقلتُ ما أحسنتَ بلْ يا فتى … ما أحسنَ الدَّهرُ ولا أجملا
يا دهرُ كم تنقل ما بيننا … مَن ليس نَهوى فيه أن ينقلا؟
تأخذُ مِنّا واحداً واحداً … بل تأخذ الأمثلَ فالأمثلا
أفنيتَ بالأمسِ شقيقاً له … فانظرْ إلى حَظِّك ما أجزلا
قعدتَ تستهلكُ ما حُزتَه … صبراً فصبرٌ غاية ُ المبتلى
قالوا تسلَّ اليومَ عن فائتٍ … فقلتُ : بعداً لفؤادٍ سلا
لا تعذلوا المعولَ حزناً له … فخيرُكم مَن ساعدَ المُعْوِلا
أيُّ فتى ً فارقنا غَنْوَة ً … رُحِّلَ عنّا قبلَ أن نَرحلا
لا الجِدُّ مملوكٌ لديه ولا … يخاف فى الخلوة ِ أنْ يهزلا
وذو عفافٍ كلّما سامه … ذو الغشِّ منه مرَّة ً قال: لا
يا غائباً عنّى ولولا الرّدى … ما غاب عنّى الزّمنَ الأطولا
سَرْبَلَني ما لابديلٌ له … وربَّما استبدل مَن سَربلا
لا أخطأتْ قبرَك هطّالة ٌ … ولا عداك المُزْنُ إنْ أسبلا
وجانبٌ أنتَ به ساكنٌ … لا عدمَ القطرَ ولا أَمْحلا
ولا يزلْ والجدبُ فى غيره … مروّضاً حوذانه ” مبقلا “
وامضِ إلى حيث مضى معشرٌ … كانتْ لهم فى الدّرجاتِ العلا
وصرْ لما صاروا فأنت الذى … أعددتهمْ فى حذرٍ موئلا
فهمْ شفيعٌ لك إنْ زلَّة ٌ … كانتْ وإنْ بعضُ عثارٍ خلا
وجنّة ُ الخلدِ لهمْ إذنها … وموقداتُ النّارِ لا للصّلا
وحبّهمْ والفوزُ فى حبّهمْ … أخرجَ مَن أخرجَ أو أدخلا