يريد الغاصبون ونحن نأبى – أحمد محرم

يريد الغاصبون ونحن نأبى … ويأبى الله ذلك من مراد

أقاموا بيننا دهراً طويلاً … رمونا فيه بالنوب الشداد

لهم في الظلم آثارٌ ستبقى … معالمها إلى يوم التناد

تمادوا فيه واتخذوه ديناً … وشر الظلم ظلم ذوي التمادي

بني التاميز ليس لكم مقامٌ … فزولوا مسرعين عن البلاد

دعونا يا بني التاميز إنا … مللنا العيش من طول الحداد

أتفجعنا المآتم كل يومٍ … وتفزعنا النعاة بكل ناد

نسير من السياسة في ظلامٍ … يجلبب كل أفقٍ بالسواد

بني التاميز أين النور يهدي … نفوساً ما لها في مصر هاد

زعمتم أن خطتكم صلاحٌ … وأنا لا نريد سوى الفساد

وجئتم بالحماية وهي أدهى … وأشأم ما نخاف من العوادي

بني مصرٍ وبئس مآل مصرٍ … إذا لم تسمعوا صوت المنادي

بلاءٌ في الكنانة مستمرٌ … وشر كل يومٍ في ازدياد

عزاءً معشر الأحرار إنا … نعد بلادنا خير العتاد

أسفت لشعبٍ مستباحٍ وأمة ٍ … أحاط بها جيشٌ من الظلم غالب

تمارس منه غارة ً بعد غارة ً … وترقب فيه ما تجيء العواقب

تروح وتغدو والنفوس نوازعٌ … تدافعها آمالها وتجاذب

طوت حججاً سوداً كأن شهورها … بنات الدجى أهوالها والغياهب

تسير بطاءً والمكاره ركضٌ … بأرجائها والمزعجات دوائب

تشد القلوب الخافقات تهزها … خطوب الليالي والهموم النواصب

وأهلكنا غدر الولاة وقولهم … هنيئاً لشعبٍ أخطأته المعاطب

أرونا بلاداً فاتها ما أصابكم … وتمت لها حاجاتها والمطالب

أبيدت شعوبٌ جد في الحرب جدها … وغودر شعبٌ في الكنانة لاعب

لبستم رداء السلم إذ كل أمة ٍ … لها من دماء الهالكين جلابب

فلا تكفروها يا بني مصر نعمة ً … ولا يجلبن الشر في مصر جالب

لعمري لقد غال النفوس فسادها … ولا كنفوسٍ أفسدتها المناصب

تطيب سجايا المرء حتى إذا سما … به منصبٌ دبت إليه المعائب

أخذنا على القوم العهود فما وفوا … ولا صدقت أخلاقهم والضرائب

كأنا وإياهم على مستكنة ٍ … من الحقد نخفيها معاً ونوارب

يخافون بعض اللائمين ونتقي … بوادرهم فالشر حيران هائب

كلانا على ما يسلب النفس حلمها … من الأمر لا راضٍ ولا هو غاضب