يا وحشة َ المجدِ ثقي بالأنسِ – مهيار الديلمي

يا وحشة َ المجدِ ثقي بالأنسِ … قدْ عطّتْ الشّمسُ رداءَ الغلسِ

ويا حمى الزوراءُ أمناً حرَّمتْ … رعيكَ كفُّ الأخدريّ الأشوسِ

منْ بعدِ ما كنتَ ببعدِ صوتهِ … مهبطَ كلّ خابطٍ ملسِّسِ

عادَ الحيا مرقرقاً على الثَّرى … بمائهِ قبّلَ كلَّ يبسِ

وانتشرتْ خضراءَ دوحة ُ العلا … فالسّاقُ وحفُ والقضيبُ مكتسي

وردَّ مجدُ الدِّينِ في أيَّامهِ … دينَ النَّدى كأنَّهُ لمْ يدرسِ

عزَّ بهِ الفضلُ كأنْ لمْ يهتضمْ … وقامتِ العليا كأنْ لمْ تجلسِ

ووضحتْ على ضلالاتِ السُّرى … طرقُ المنى للرّائدِ الملتمسِ

فيا مثيرَ العيسَ جعجعها ويا … مرسلَ أفراسِ الرَّجاءِ أحبسِ

كفيتما تهجيرها مظهرة ً … وخوضها في الليلِ بحرَ الحندسِ

جاءكما الحظُّ ولمْ تقامرا … بناقة ٍ فيهِ ولا بفرسِ

لمْ تضربا أعناقها وسوقها … حرصاً لإدلاجٍ ولا معرَّسِ

ردَّ الكرى إلى العيونِ قرَّة ً … وعادَ للأنفسِ روحُ الأنفسِ

بالحلوِ والمرِّ على أعدائهِ … والطَّائشِ السَّرجِ الوقورِ المجلسِ

ببابليٍّ مالهُ لمْ يمتنعْ … وسامريٍّ عرضهُ لمْ يمسسِ

أروعُ لا يعثرُ منْ آرائهِ … بمشكلِ هافٍ ولا ملتبسِ

إذا دجى الخطبُ سرى مستقدماً … منْ عزمهِ في قمرٍ أوْ قبسِ

لا هاشمٍ مغرِّرٍ لمْ يعتبرْ … ولا حريصٌ معجبٌ لمْ يقسِ

نجَّذتِ الأيَّامُ منهُ قارحاً … بفضلهِ والسُّنُّ لمْ تعنَّسِ

وطالَ أمَّاتِ العضاة ِ مشرفاً … وهو قريبٌ عندهُ بالمغرسِ

تختمرُ الزَّهرة ُ في لثامهِ … بصدغها حتَّى الدُّجى المعسعسِ

فإنْ غلتْ بصدرهِ حميَّة ٌ … راعكَ وجهُ الضَّيغمِ المعبِّسِ

رمتْ بهِ صحنَ السَّماءِ فسما … مدارجَ البيتِ الأشمِّ الأقعسِ

فأنتَ منْ أخلاقهِ في مغزلٍ … ومنْ حمى غيرتهِ في محمسِ

بيتٌ يقولُ اللهُ بيتٌ مثلهُ … عندي لمْ يبنى ولمْ يؤسَّسِ

سماحة ُ الغيثِ وفي أرجائهِ … مهابطُ الوحيِ وروحُ القدسِ

ومنهُ فرعاً مكَّة ٍ وطيبة ٍ … تشعَّبا ومنهُ بيُ المقدسِ

قومٌ بهمْ ثمَّ ونحنُ فترة ٌ … فرجُ المضيقِ وانكشافُ الَّلبسِ

همْ حملوا على الصِّراطِ أرجلاً … لولا هداهمْ عثرتْ بالأرؤسِ

وحطَّموا ودَّاً وخلُّوا هبلاً … مبدِّلينَ بالعتيقِ الأملسِ

ديستْ منْ الشِّركِ بهم جماجمٌ … ترابها منْ عزة ٍ لمْ يدسِ

ساروا بتيجانِ الملوكِ عندنا … معقودة ً على الرِّماحِ الدُّعَّسِ

آلكَ آلُ الحجراتِ أيقظوا … للرشدِ أبصارَ القلوبِ النُّعَّسِ

وأخذوا إلى فسيحِ لاحبٍ … بالنَّاسِ منْ جهلِ المضيقِ الملبسِ

قالوا فجادوا فكأنَّ الرَّعدَ لمْ … يرزمْ وماءَ المزنِ لمْ ينبجسِ

وحدُّكَ النَّاطقُ بالصِّدقِ لهُ … طاعة ُ كلِّ ناطقٍ وأخرسِ

وبأبيكَ حبُّهُ وبغضهِ … غداً يرى لمحسنُ خسرانَ المسي

وأنتّ ما أنتَلحوقاً بهمْ … زرارة ٌ تجري وراءَ عدسِ

يقديكَ مملوكٌ عليهِ أمرهُ … رخوَ البدادينِ ضعيفُ المرسِ

يأكلهُ العيبُ فلا يميطهُ … بمالهِ عن عرضهِ المضرَّسِ

لو خنقتهُ ذلة ُ البخلِ لما … قالَ بدينارٍ لها تنفّسي

يغزو أباكِ ويظنُّ مقنعاً … عزَّ الأصولِ معَ ذلِّ الأنفسِ

ضمَّ إليكَ فعلوتَ ولطى … سومَ الأشمِّ قستهُ بالأفطسِ

عادَ بظلِّ بيتهِ وأصحرتْ … غرُّ مساعيكَ بقاعٍ مشمسِ

تأخذُ حقَّ العزِّ قسراً وسطاً … والأسدُ لا تعابُ بالتَّغطرسِ

فاصدعْ بها دامية ً نحورها … صدعَ فتى ً في نقعها منغمسِ

وقمْ بنا نطلبها عالية ً … أمّا لمرمى العزِّ أو للمرمسِ

فالسَّيفُ مالمْ يمضِ قدماً زبرة ٌ … واللّيثُ كلبُ البيتِ مالمْ يفرسِ

نادى البشيرُ وفؤادي جمرة ٌ … للشوقِ منْ يرفعْ لهُ يقتبسِ

والبينُ قدْ أوحدني فليسَ لي … بعدكَ غيرَ وحشتي منْ مؤنسِ

والبعدُ باستمرارهِ يطلعُ لي … كيفَ طمعتُ منْ ثنايا الموئسِ

دعا وقدْ ضعفتُ عنْ جوابهِ … كأنَّ نفسي خلقتْ منْ نفَسي

هذا الزكيُّ ابنُ التَّقيُّ فطغى … شيطانُ شوقي وهوى موسوسي

وقيلَ ممسوسٌ ولكنْ واجدٌ … قلباً لهُ ضلَّ ولمَّا يمسسِ

فيالها غنيمة ً سرِّي بها … لمْ يختلجْ وخاطري لمْ يهجسِ

أحلى على القربِ وقدْ تملأَّتْ … عيني بها منْ نظرة ِ المختلسِ

حبا غزيراً لا كما تسنيهِ لي … منْ نزرِ ماءٍ وقليبٍ يبسِ

وشكرُ ماتوسعُ منْ خلائقٍ … على البعادِ ثوبها لمْ يدنسِ

طاهرة ٌ إذا عركتَ جانبي … منْ ودِّ قومٍ بالخبيثِ النَّجسِ

عرفتني والنَّاسُ ينكرونني … وجدكَ بالشُّفوفِ والتَّفرُّسِ

أودعتكَ الفضلَ فلا حقوقهُ … عندكَ ضاعتْ ولا العهدُ نسي

فقصرُ ما أوليتَ أنْ أجزيهُ … جزاءهُ في المطلقاتِ الحبسِ

شواردً باسمكَ كلَّ مطرحٍ … ولمْ ترحْ عنكَ ولمْ تعرَّسِ

كالحورِ في خيامها مقصورة ٌ … وفي الفلا معِ الظّباءِ الكنَّسِ

ممّا حويتَ برقايَ فسرى … سحريَ في حيَّاتهنَّ النُّهَّسِ

يتركَ كلّ ماسحَ غيرَ يدي … دماً على نيوبها والأضرسِ

تغشاكَ لا تحتشمُ الصُّبحَ ولا … ترهبُ في الليلِ دبيبَ العسسِ

فأنتَ منها أبداً غوادياً … ورائحاتٍ في ثيابِ العرسِ

فاسمعْ لها واسلمْ على اتصالها … واتَّقِ أنْ تعيرها واحترسِ

واستغنِ بي واغنني عنْ معشرٍ … سورة ُ فضلي بينهمْ لمْ تُدرسِ

أعوذُ منْ ليني لهمْ بجعدي … ومنْ ذحولي بينهمْ ببلسي

شفيتُ أعراضهمْ وعيشتي … فيهمْ متى تبرا اختلالاً تنكسِ

ودَّ القريضَ قبلَ ما قالَ لهمْ … على لساني أنْ نطقي خرسي

فإنْ تغرْ أو تكفني جانبهمْ … فلستُ منْ ذلكَ بالمبتئسِ