يا قلب من أين على فترة ٍ – مهيار الديلمي

يا قلب من أين على فترة ٍ … ردَّ عليك الولة ُ العازبُ

أبعدَ أن مات شبابُ الهوى … شاورك المحتنكُ الشائبُ

و بعدَ خمسين قضتْ ما قضتْ … و فضلة ٍ أغفلها الحاسبُ

هبتْ بأشواقك نجدية ٌ … مطمعة ٌ أنت لها واجبُ

ما أنت يا قلب وأهلَ الحمى … و إنما هم أمسكَ الذاهبُ

لم تذكر الغائبَ من عهدهم … إلا لأنْ يأكلكَ الغائبُ

قد وعظتْ واعظة ٌ من جحا … بوعظها ما زهدَ الراغبُ

فارددْ على الريح أحاديثها … ففي صباها ناقلٌ كاذبُ

جاءت وقد أفرقتَ تهدي الصبا … لا سلمَ المجلوبُ والجالبُ

و دون نجدٍ وظباءِ الحمى … أن نفرعَ المنسمُ والغاربُ

و الفيلقُ الشهباءُ من عامرٍ … و الطاعنُالغيرانُ والضاربُ

و الشمسُ أدنى من تميمية ٍ … طالعها من رامة ٍ غاربُ

لو سبقتْ بالغدرِ في قومها … لما وفي في قوسه حاجبُ

مكنونة ٌ بيضاءُ لم يعدها … في البدو لونُ العربِ الشاحبُ

إن وصفت تيمها وصفها … أو نسبتْ أعجبها الناسبُ

فلا تغرنك تفاحة ٌ … منها ولا بارقة ٌ خالبُ

يا راكبَ الأخطارِ تهوى به … انزلْ كفيتَ السيرَ يا راكبُ

مالك والراحة ُ قد أمكنتْ … تشقى بما أنتَ له طالبُ

قد آن أن يعفى الكليلُ المطا … و أن يراحَ النصبُ اللاغبُ

إنّ المقيم اليومَ في غبطة ٍ … يحسدها السارحُ والساربُ

قد أربعَ الوادي ببغداد واب … تلّ الثرى واتسع الجانبُ

أظلها من سحبِ أيدي بني … عبد الرحيم الهاطلُ الهاضبُ

و رجعتْ طالعة ً شمسهم … فيها وعاد الكوكبُ الثاقبُ

إلى عميد الدولة استرجع ال … نافرُ أنسا وأوى الهاربُ

عمَّ وسوى عادلا جودهُ … حتى استوى المحرومُ والكاسبُ

طبقَ في التدبير أغراضهُ … سهما فسهما رأيهُ الصائبُ

و أدب الأيامَ بالحلم وال … جهلُ على أخلاقها غالبُ

و الملكُ سرحٌ نام رعيانهُ … و هبَّ يطغى ذئبهُ الساربُ

كانت جحيما ترتمي بالأذى … في جانبيها الشررُ اللاهبُ

فأخمدتْ هيبتهُ كلَّ ما … هبَّ عليها الموقدُ الحاطبُ

صبَّ عليها الدمَ لما غدتْ … بالماءِ لا يطفئها الساكبُ

فهامة ٌ ساقطة ٌ فوقها … حصداً وجنبٌ حولها واجبُ

عشواءُ خطبٍ لم يكن ينجلي … حتى يؤوبَ القمرُ الغائبُ

يا شرفَ الدين تمدحْ بها … فالعجبُ في أمثالها واجبُ

ما زال تنكيلك بالمجرمِ ال … مصرَّ حتى خافك التائبُ

صدعٌ من الدنيا تداركتهُ … لولاك ما كان له شاعبُ

جاذبه الناسُ يرومونهُ … دهرا فلم يعلقْ به جاذبُ

لا العاجز الواني تأنى له … منهم ولا المجتهدُ الدائبُ

سللتَ بالعادة في جسمه … رأياً هو الصمصامة ُ القاضبُ

قد ظهرتْ راية ُ أيامكم … و طبق الأرضَ بها الجائبُ

و جمعَ الألسنَ تفضيلكم … فاصطلحَ المادحُ والثالبُ

لا يصلحُ الأمرُ على غيركم … لا عارض منه ولا راتبُ

و لا تدرُّ المالَ أخلافهُ … و غيرُ أيديكم له حالبُ

وزارة ٌ مجلسها منصبٌ … له اصطفاك الله والناصبُ

أنتَ لها فاشدد يمينا بها … الأخُ وابنُ العمَّ والصاحبُ

فإن تعزلتَ وفارقتها … أو نابَ في تدبيرها نائبُ

كان فراقاً لك تسديدهُ … و للأعادي سهمهُ الخائبُ

بعدتَ فانحضَّ الذي رشتهُ … و انقبضَ السائمُ والساربُ

فاعطف على الدنيا وما قد جرى … به عليه القدرُ اللازبُ

فالليثُ لا يغمز في زأره … و إن ألحّ النابح الواثبُ

في جلدهِ ذمي وفي عظمهِ … مظفرٌ في عزكم خالبُ

مشى بها الماشي إلى حتفه … يا بؤسَ ما أعقبهُ العاقبُ

يا باسطا من كفه مزنة ً … يبسمُ منها البلدُ القاطبُ

و من حمى الأرضَ فما فوقها … للخوف مسلوبٌ ولا سالبُ

و المصطفى المحبوب من ماله … يخبطُ فيه العائثُ الناهبُ

أغنيتني عن كلَّ غرارة ٍ … سحابها المصعقُ والحاصبُ

و كلَّ مبذولِ الحمى بابهُ … و اللؤمُ عن أمواله حاجبُ

لا يخلقُ الخجلة َ في وجهه … لا مادحٌ أثنى ولا عائبُ

و صنتَ وجهي بعد ما شفني … من مائه المنزفُ والناضبُ

و خلطتني منك نعمى بها … شجرني في بيتك الناسبُ

و حطتني أمنا وقد ثارَ لي … بالشرَّ صلُّ الرملة ِ الواقبُ

كلبٌ أتى الليثَ فأغراه بي … و قال وهو الفاجرُ الكاذبُ

وغدٌ دعيّ ليس من شكله … ما هو كاسٍ باسمه كاسبُ

أعداه من مهنة ِ آبائهِ … عرقٌ إلى اللؤوم به ضاربُ

و لم يكن لو أنه كاتبٌ … يراعُ منه الشاعرُ الكاتبُ

و عند شعري لو هجا مثلهُ … لعرضه القاصمُ والقاصبُ

فابقَ لأن ترغمَ لي أنفهُ … أنفٌ لعمري أجدعٌ تاربُ

و البس من الدولة فضفاضة ً … يسحبُ من أذيالها الساحبُ

و اقسمْ ليوم المهرجان الحيا … وفداً فنعمَ الوافدُ الآئبُ

يومٌ لآبائك في حفظه … عهدٌ يراعى حقهُ الواجبُ

و اصبحْ بفخرٍ طيرهُ أيمن … و في عداك البارح الناعبُ

ما غردتْ ورقاءُ أو دافعتْ … فتخاءُ عن أفراخها خاضبُ

و اسمعْ إذا شدت لها حبوتي … أفصحَ ما فاهَ به خاطبُ

مرصوعة ً باسمك من خيرِ ما … لاثَ على مفرقه عاصبُ

عندك منها غردٌ مطربٌ … و عند من عاديته نادبُ

من معدنِ الجدّ ولكن ترى … رقتها أني بها لاعبُ

لا ربُّ غمدانَ وعى مثلها … سمعاً ولا من داره ماربُ

و امض مع العادة ِ في مهرها … على طريقِ نهجهُ لاحبُ

فما تطيبُ الأرضُ موهوبة ً … عنديَ لولا أنك الواهبُ