يا قائد القوم – إيليا أبو ماضي
يا أيّها الشعر أسعفني فأرثيه … و يا دموع أعينيني فأبكيه
بحثت لي عن معزّ يوم مصرعه … فلم أجد غير محزون أعزّيه
و ما سألت امرءا فيما تفجّعه … إلاّ و جاوب – ” إنّي من محبّيه “
كأنّما كلّ إنسان أضاع أخا … أو انطوت فجأة دنيا أمانيه
فذا أساه لهيب في أضالعه … و ذا أساه دموع في مآقيه
فهل درى أيّ سهم في قلوب رمى … لما نعاه إلى الأسماع ناعيه ؟
يا شاعر الحسن هذا الروض قد طلعت … فيه الرياحين و افترّت أقاحيه
و شاع ” أيّار ” عطرا في جوانبه … و نضرة و اخضرارا في روابيه
فأين شعرك يسري من نسائمه ؟ … و أين سحرك يجري في سواقيه ؟
هجرته فامّحت منه بشاشته … مات الهوى فيه لمّا مات شادية
أغنى عن الدّرّ في القيعان مختبئا … درّ يساقطه الحدّدا من فيه
و كان للسحر تأثيره فأبطله … بالسحر يجري حلالا في قوافيه
بلاغة ” المتنبّي ” في مدائحه ، … و دمع ” خنساء صخر ” في مراثيه
لا يعذّب الشعر إلاّ حين ينظمه ، … أو حين ينشده ، أو حين يرونه
و يا طبيبا يداوي الناس مع علل … داء الأسى اليوم فيهم من يداويه ؟
أمسى الذي كان يشجينا و يطربنا … لا شيء يطربه ، لا شيء يشجيه
لقد تساوى لديه شدو ساجعة … و صوت نائحة في الحيّ تبكيه
صارت لياليه نوما غير منقطع … و لم تكن هكذا قبلا لياليه
قد كان نبراسنا في المعضلات إذا … ما ليلها جنّ واربدّت نواصيه
فمن لنا في غد إن أزمة عرضت … و ليس فينا أخو حزم يضاهيه
من للحزين يواسيه و يسعده … و للمريض يداويه فيشفيه
يا قائد القوم إن تسأل فإنّهم … باتوا حيارى كإسرائيل في التيه
لمّا رأوك مسجّى بينهم علموا … ما العيش غير أخاييل و تمويه
يا رزق ، قلبي عليك اليوم منفطر … و كلّ قلب كقلبي في تشطّيه
لم يحو نعشك جسما لا حراك به … بل أنت آمالنا موضوعة فيه
غدا يواريك عن أبصارنا جدث … لكنّ فضلك لا شيء يواريه
كلمات: ساري
ألحان: احمد الهرمى