يا دار لهوي بالنُّجيل من قطنْ – مهيار الديلمي

يا دار لهوي بالنُّجيل من قطنْ … جنَّتكِ الفيحاءَ بعدَ من ظعنْ

أصامتٌ بناطق ونافرٌ … بآنسٍ وذو خلاً بذي شجنْ

سرنا وعهدي بك مغنى ً غبطة ٍ … أمسِ وعدنا اليومَ في مغنى حزنْ

تشبَّهتْ حورُ الظباءِ بهمُ … أن سكنتْ فيكِ ولا مثل سكنْ

مشتبهٌ أعرفه وإنما … مغالطا قلت لصحبي دارُ منْ

يا صاحبي عونا وإن أشفَّني … معْ جلدي قولي لخوّارٍ أعنْ

قفْ باكيا فيها وإن كنتَ أخاً … مواسيا فبكِّها عنك وعنّْ

لم يبقِ لي يومُ الفراق فضلة ً … من دمعة ٍ أبكي بها يومَ الدِّمنْ

يا زمنا مرَّ كما اقترحته … بالعنفِ إن عاد الصِّبا فعدْ إذنْ

والعيشُ في كفّ المراح ذاهبٌ … برأسه يقتاده بلا رسنْ

وصاحبي كلُّ فتى ً مساعدٍ … ما فطنَ الدهرُ له وقد فطنْ

معي إلى ما سرَّه أو ضرَّه … حبّاً لأن يقال خلٌّ مؤتمنْ

ما فيَّ منْ صالحة ٍ أذاعها … بجهدهِ أوتكُ عوراءُ دفنْ

وحاملٍ على الشرور حاملٍ … في طرفه وكفّه سيفَ الفتنْ

قد كتبَ الشعر على عارضهِ … ما أقبح الإعراضَ بالوجه الحسنْ

يدير مما اختار عسجدية ٍ … ما قطعتْ عن مثلها هامة ُ دنّْ

صيغت وسحرَ عينه من طينة ٍ … واحدة ٍ وبابلٌ أمُّ المدنْ

تفترُّ عن فأرة ِ مسكٍ كأسها … إذا انتشى وثغره إذا أذنْ

كأنما أعداهما بخلقه … محمدُ بنُ جعفرٍ أبو الحسنْ

قالوا الرحيلُ فمسحتُ عبرة ً … زادت على بلِّ الرداء والرُّدنْ

في كلّ يوم عزمة ٌ يعلمني … شقاؤها أن النعيمَ في الوطنْ

يا رحلتي أين يريد الدهرُ بي … ومن من الناس ترى قالت تمنّْ

قلت الذي إن جاد لي دهري به … فما أبالي بسواه كيف ضنّْ

من بان بالمجد على اتّحاده … كم من كثيرٍ جمعه ولم يبنْ

يدٌ تصيب حيثُ سالَ صوبها … قصدا وكم قد أخطأتْ به المزنْ

تجمعُ بين الفتك والجودِ له … وقلّما يبخلُ إلا من جبنْ

خفّ نوالا ونزالا وله … حلمٌ إذا وازنَ ثهلانَ وزَنْ

يا نفس بشرى إنه محمدٌ … والمشربُ السائغُ والمغنى الأغنّْ

لا حقَّ لي عند بخيلٍ ناقص ال … فضل وإن جمَّع مالاً واختزنْ

يجهلني بديهة ً وإنه … يزداد جهلا بي كلّما امتحنْ

لا أحسد المثرى على ما عنده … من خيره وعرضه فيما وهنْ

ولا أحطُّ الدهرَ كعبا أن أرى … وهو سواءً إن صفرتُ واحتجنْ

لي عفَّتي عنه وما نال له … وخيرنا من عارك العيشَ الخشنْ

والمالُ حلوٌ والذي يحيله … عندي مرّاً أنه يتلوه منّْ

قناعة ٌ صانت لوجهي ماءه … كم من حريصٍ لم يجدْ ولم يصنْ

يخدعني دهري بتسويفاته … عنها وهل يُخدعُ جفنٌ عن وسنْ

ما أكثرَ الشاكين من دنياهمُ … فليت شعري هذه الدنيا لمنْ

وقد قلبتُ الناسَ في حالاتهم … فما وجدتُ راضيا عن الزمنْ

قد جعلوا الشكوى طريقَ بخلهم … يعتذرون في النعيم بالمحنْ

لذاك ما صبَّحتُ منهم برقة ً … تخطف بالشام ويوماباليمنْ

أقلُّ خوفي أن أضلّ بينهم … والماءُ إن أزمن في الحوض أجنْ

لولاك ما حثَّ رجائي طمعٌ … في مطلبٍ محا اليقينُ كلَّ ظنّْ

جئتك أهديها على ضنِّي بها … عذراءَ لا تفتضُّ إلا بالفطنْ

ناشزه لم ترضَ لولاك فتى … بعلاً ولم أرض لها قطُّ ختنْ

مما ابتكرتُ لم تكن مجلوبة ً … بغارة ٍ أضحت على الشعرِ تشَنّْ

إذا امرؤ قال لراويها أعدْ … أطربه كأنما قال تغنّْ

فخلّها ما شئتَ واقسمْ شرفاً … أذخرُ منه لهزالي ما سمنْ

مكارمٌ أوجبها حبُّك لي … وسنَّها والحرُّ يمضي حيثُ سنّْ

فإنها في الناس بين مؤثرٍ … لم يجتهدِ وذي اجتهاد لم يُعنْ

تكلَّفوها بعد ما قد هرموا … وإنما رضعتها مع اللّبنْ