يا دار بين شرافَ فالنخلِ – مهيار الديلمي
يا دار بين شرافَ فالنخلِ … درّت عليكِ حلائبُ الوبلِ
وتلطّفت بك كلُّ غادية ٍ … وطفاءَ تنهض عثرة َ المحلِ
تحيي إذا طفق الغمام على … عافى الطلول بكرِّه يبلي
رعياً لما أسلفتِ من زمنٍ … سمحِ الخليقة ِ غافلٍ سهلِ
لا يهتدي هجرٌ إلى أذنٍ … فيه ولا هجرٌ إلى وصلِ
أيامَ عقدكِ عقلَ راحلتي … طربا وأهلكِ عزّة ً أهلي
ورباكِ ملعب كلّ آنسة ٍ … حمت الصِّبا لعفافها الكهلِ
تغشى كثيبَ الرمل جلستها … بمهيَّل متفاوتِ الثِّقلِ
ترمي المقاتلَ لا تقادُ بها … عن مقلة ٍ موقوفة ِ القتلِ
مرهاءَ ما وهبت مراودها … وبحقِّها فقرٌ إلى الكحلِ
تعنو الأسودُ لها فإن صدقتْ … خفقتْ خصائلها من الظّلِّ
كان الشبابُ أخا مودّتها … فرميتُ في الأخوين بالثُّكلِ
نفرتْ ظباءُ العزلِ شاردة ً … فأتى الشبابَ الشّيبُ بالعزلِ
فاليومَ لا يدري البكاءُ على … شعري يفيض الدمعَ أم شملي
يا قاتل اللهُ الصِّبا سكرا … لو أنّ دولة سكرهِ تملي
قالوا صحوتَ من الجنونِ به … من ردَّ جنّته على عقلي
نفضتْ من البيض الحسانِ يدي … وارتدَّ عنها ناصلا حبلي
وسعى بيَ الواشي وكان وما … يسطيعني بيدٍ ولا رجلِ
فكأنهنّ بما أذنَّ له … يلبسن أقراطا من العذلِ
أشكو إلى الأيَّام جفوتها … شكوى يدِ العاني إلى الكبلِ
وأريدها والجورُ سنّتها … أن تستقيمَ بسيرة العدلِ
عنقٌ لعمرُ أبيك جامحة ٌ … لم يثنها الرُّوَّاضُ من قبلي
وأبيتُ والأنباءُ طارئة ٌ … بغريبة ٍ سلمتْ على النقلِ
نبّئتُ أن كلابَ معيبة ٍ … يتعاقرون بها على أكلي
أغراهمُ أني فضلتهمُ … ما أولع النقصانَ بالفضلِ
يتباحثون طلابَ عائرة ٍ … عصدتْ على القرطاس من نبلي
خفَّت مخالبهم وما خدشت … حدَّ الصفاة ِ أكارعُ النملِ
أن عيّبوني صادقين فهم … من كلّ ما اخترصوه في حلِّ
حسدوا إباي وعزّتي وهمُ … نهبى الهوان وأكلة ُ الذلِّ
والله أغلاني وأرخصهم … ما شاء وهو المرخص المغلي
لا أشرئبّ إلى بلهنية ٍ … من عيشة ٍ وطريقها يُدلي
بيني وبينكِ يا مطامع ما … بين ابنِ عبد الله والبخلِ
ركب العلا فقضى السباقُ له … متعوّدا للفوز بالخصلِ
ووفى بنظم الملك رأيُ فتى ً … طبٍّ بداء العقدِ والحلِّ
قطَّاع أرشية الكلام إذا … عقلَ اللسانُ بقوله الفصلِ
عجلَ الرجالُ وراءه فونوا … وأصاب غايته على مهلِ
لبسَ السيادة َ معْ تمائمهِ … وتفرّع العلياء عن أصل
ونمى على أعراقِ دوحتهِ … ورقٌ يرفّ ومجتنى ً يحلي
حظّ بحقّ الفضل نيل إذا … ما الحظّ كان قرابة َ الجهلِ
لأبي الحسين يدٌ إذا حُلبتْ … غدت السماء بكيَّة الرِّسلِ
لا يغبط الدينارُ يحمله … وينوء بعدُ بأثقل الحملِ
طبعتْ من البيضاءِ غرّته … وبنانه من طينة البذلِ
نصبَ الحقوقَ على مكارمه … حكما يريه الفرضَ في النفلِ
كما نسيء الظنَّ في سيرٍ … قصَّتْ عن الكرماءِ من قبلِ
ونفسِّق الراوين من سرفٍ … ونسكُّ في الأخبارِ والنَّقلِ
حتى نجمتَ فكنتَ بيّنة ً … نصرتْ دعاوى القولِ بالفعلِ
ولقد فضلتَ بأنهم وهبوا … من كثرة ٍ ووهبت من قلِّ
فليهنِ كفَّك وهي خاتمة ٌ … ما أحرزتْ من رتبة ِ الفضلِ
أنت المعدُّ لكلِّ مزلقة ٍ … ترتاب فيها الساقُ بالرِّجلِ
قد جرّبوك أصادقا وعداً … وبلوك تحتَ الخصبِ والأزلِ
وتعرّفوا خلقيكَ من غزلٍ … لينٍ ومن متحمِّسٍ جزلِ
فرأوك أمنعهم حمى شرفٍ … وأشدَّهم عقداً على إلِّ
وأخفَّهم سرجا إلى ظفرٍ … متعجَّلٍ ويداً إلى نصلِ
وعلى الصليق غداة َ إذ نفرت … كفُّ الشّقاق مريرة َ الفتلِ
والحرب فاغرة ٌ تنظر ما … تهدي الظّبا لنيوبها العصلِ
في موقفٍ غدرَ السلاحُ به … غدرَ القبالِ بذمَّة النعلِ
وقد امتطى سابورُ غاربها … متمسِّكاً بمغارزِ الرَّحلِ
وأسترعفتْ أيدي عشيرتهِ … وأوصالها بالطَّرد والشلِّ
وافى فخادعَ عن طرائدها … حتى رددن عليهِ بالختلِ
فثبت فاستنزلت ركبته … بيدٍ تردِّي كلَّ مستعلي
وجد الفرارَ أسدَّ عاقبة ً … مع ذلّة ٍ من عزّة القتلِ
تتنكَّبُ النهجَ البصيرَ إلى … عافى المياهِ وميّت السُّبلِ
وعوى ابنُ مروانٍ وأكلبهُ … فرموا بمشبوحٍ أبى شبلِ
طيّان لا يرضى لجوعته … بسوى فريستهِ من الأكلِ
من بعد ما افترشوا الإمارة وال … تحفوا ظلائل عيشها الغفلِ
ألحقتهم بشذوذِ قومهمُ … يتساهمون مطارحَ الذلِّ
بردتْ حذارا منك ألسنهم … وصدورهم بحقودها تغلي
تركوا لواشجة ِ المناسب في … طرقِ الفرار حميّة الذَّحلِ
من كلِّ رخو المفصلين وقد … لفَّ القناة َ بساعدٍ عبلِ
تعيي بحمل السيف راحتهُ … فكأنّها خلقت بلا حبلِ
كانوا الفصالَ خبت جراجرُها … لما سمعنَ تقطُّمَ الفحلِ
أحييت في ميسان داثرة ً … شيمَ الوفاءِ وسنّة َ العدلِ
ونشرتَ في قصياءِ دجلتها … عزَّ البيوت بجانب الرملِ
فكأنّ سافلة ً النبيط بها … عليا تميمٍ أو بني ذهلِ
يفديك كلُّ مزنَّدٍ يده … من ثقلِ جمع المال في غلِّ
لاينتهُ الأخلاقَ من كرمٍ … فاغترّ منك بمشية الصِّل
حسد الكمالَ فظلَّ يقتله … يا ذلَّ مقتولٍ بلا عقلِ
كم منّة ٍ لك لم يزن يدها … شكري ولم ينهض بها حملي
مطبوعة ٍ خفّت مواردها … ومن الندى متكلّف الكلِّ
ومودّة ٍ أطرافها عقدتْ … بعرى وفاء غيرِ منحلِّ
ألبستني خضراءَ حلّتها … تضفو بها كتفي على رجلي
أيقظتَ هاجعَ همّتي وسرى … حظِّي الحرون بقادميْ حبلي
وتعلَّم الإنجازَ في عدتي … من كنتُ أقنع منه بالمطلِ
فلتقضينَّك كلُّ وافية ٍ … بالحقّ شافية ٍ من الخبلِ
محبوبة ٍ لو أنّها هجرتْ … أغنتْ فكيف بها مع الوصلِ
تستوقفُ الغادي لحاجتهِ … ويعيدُ كاتبها فمَ المملي
ترتدُّ للسالي صبابته … وتعلِّل المشتاقَ أو تسلي
تضحي المسامعُ والعقولُ لها … أسراءَ وهي طليقة ُ العقلِ
وإذا رميتُ بها مقامَ علاً … نهضتْ فأبلتْ مثلما أبلي
تسري وذكرك في صحائفها … كالوسم فوق حوارك الإبلِ
في كلّ يومِ هدية ٍ لكمُ … عرسٌ بها تهدى إلى بعلِ
فتملَّها واعرف لغربتها … هجرَ الديارِ وفرقة َ الأهلِ
واعلم بأنّ الشعرَ في قلبٍ … عوراءَ إلا ما استقى سجلي
يستلّ نابَ الليث من فمه … ويرى العقوقَ ولا يرى مثلي