وثقتُ بكمْ حتى خجلتُ وكم جنتْ – الشريف المرتضى
وثقتُ بكمْ حتى خجلتُ وكم جنتْ … لنا ثقة ٌ من خجلة ٍ في الصفائحِ
و ما كنتُ أخشى قبلها إنْ كشفتكمْ … أُكشِّفُكمْ عن مثلِ هذي القبائحِ
هبوني امرءاً لاَ منَّ منه عليكمُ … و لا كان يوماً عنكمُ بمنافحِ
وإن قادكُمْ كُرْهًا إلى ربوة ِ العُلا … نكصتمْ على الأقفاءِ نكصَ طلائحِ
و لم يسعَ فيما تبتغون ودونهُ … حجازٌ من الأعداءِ ليس ببارحِ
و أدناكمُ عفواً إلى جانبِ الغنى … و كلكمُ ما بين ناءِ ونازحِ
وقد صَلُحَتْ أيّامُكمْ باجتهادهِ … فلمْ يومهُ ما بينكمْ غيرُ صالحِ ؟
و أظفركمْ بالعزَّ والعزُّ شاهقٌ … وأنتمْ بلا طَرْفٍ إلى العزِّ طامحِ
شَحَذْتُكُمُ سيفًا أصُدُّ به العِدَى … وما كانَ عندي أنَّ سيفيَ جارِحي
و إنّ الذي أغراكمُ بقطيعتي … وقد كنتُ وَصَّالاً لكمْ غيرُ نازحِ
و إني لسمحٌ بفراقكمْ … وما كنتُ فيه برهة ً بالمُسامِحِ
تبدلتُ لما أنْ رأيتمْ ولم أعنْ … وإنّي لَسَمْحٌ باذلٌ بفراقِكمْ
و أخرجَ ما أبدعتمُ من مساءة ٍ … هوى لكمْ قد كان بين الجوانحِ
و لما شربتُ الودّ منكمْ بسومكمْ … رجعتُ بكفٍ بيعها غيرُ رابحِ
ولولايَ في ميزانِكمْ يومَ خبرة ٍ … لما كان إلاّ شائلاً غيرَ راجحِ
فلا تحسبوا أني مقيمٌ على أذى … فإنيَ موتورٌ كثيرُ المنادحِ
إذا ضرَّني يومًا صديقي وساءَني … فما هو إلاّ كالعدوَّ المكاحِ
تقطَّعَ وُدٌّ كان بيني وبينَكمْ … وطاحتْ به في الأرضِ إِحدى الطَّوائِحِ
فمالي إلى أوطانِكمْ من مطامِحٍ … و مالي إلى أعطانكمْ من مسارحِ
و ما ليَ إلمامٌ بدارِ حلولكمْ … وما كنتُ إلاّ بينَ غادٍ ورائِحِ
وإنْ كانتِ البطحاءُ دارَ مُقامِكمْ … فماليَ تَعريجٌ بتلك الأباطحِ
و أيقنتُ أني ثاوياً في دياركمْ … مقيمٌ على آلِ القفارِ الصحاصحِ
و كنتُ وما جربتكمْ كلفاً بكمْ … فأظفرني تجريبُكمْ بالفَضائِحِ
لنا في تلاقينا وجوهٌ ضواحكٌ … و كم دونهنّ من قلوبٍ كوالحِ
وقد كنتُمُ صُبحًا بغيرِ دُجُنَّة ٍ … فقد صرتُمُ جُنْحًا بغيرِ مصابحِ
فلا تسألوني عن صفاءٍ عَهِدتُمُ … فقد طار في هوجِ الرياح البوارحِ
فإنْ تشحطوا بعد اجتماعٍ وإلفة ٍ … ببعض الرَّزايا الهاجماتِ الفوادِحِ
فقلبيَ عنكمْ معرضٌ غيرُ مائقٍ … و دمعي عليكمْ جامدٌ غيرُ سافحِ
وما كلُّ ما لاقيتُ منكمْ شكوتُهُ … و أولُ جدَّ المرءِ تعريضُ مازحِ
فشتّانَ لو أنصَفْتُمُ من نفوسكمْ … و لم تظلموا ما بين هاجٍ ومادحِ
و إنّ غبينَ الناسِ من بات عرضهُ … تُعرِّضُهُ السُّوءَى لبعضِ القرائحِ