هي – إيليا أبو ماضي

أروي لكم عن شاعر ساحر … حكاية يحمد راويها

قال : دعا أصحابه سيّد … في ليلة رقّت حواشيها

فانتظمت في قصره عصبة … كريمة لا واغل فيها

من نبلاء الشّعب ساداتها … و خيرة الغيد غوانيها

حتّى إذا ما جلسوا كلّهم … و طاف بالأكواب ساقيها

قام أمير القصر في مفّه … كأس أعارنه معانيها

و قال : يا صحب على ذكركم … أملأها حبّا و أحسوها

و ذكر من قلبي عبد لها … و مهجتي إحدى جواريها

حبيبتي ” لمياء ” سميتها … و لم أكن قبلا أسمّيها

فشربوا كلّهم سرّها … و هتفوا كلّهم تيها

فأجزل الشّكر لأصحابه … الشكر للنعمة يبقيها

و صاح بالساقي علينا بها … فطاف بالأكواب ساقيها

و قال للأضياف : سمعا فلي … كلمة ، ألعدل يمليها

ما أنا وحدي الصبّ فيكم ، و لا … كلّ العذارى من أناجيها

فكل ّ نفس مثل نفسي لها … في هذه الدنيا أمانيها

و كلّ لب مثل قلبي له … حسناء ترجوه و يرجوها

يا صحب ، من كانت به صبوة … يعلنها الآن و يبديها

فنهضوا ثانية كلّهم … ورفعوا الكاسات تنويها

كلّهم يشرب سرّ التي … يهوى من الغيد و يطريها

و كان في الشّرب فتى باسل … طلعته تسحر رائيها

شارك في أوّل أقداحهم … و لم يشاركهم بثانيها

و أنت ؟ قال الصحب و استضحكوا … هل لك حسناء نحيّيها ؟

قال : أجل ، أشرب سرّ التي … بالروح تفديني و أفديها

صورتها في القلب مطبوعة … لا شيء حتّى الموت يمحوها

لا تترّضاني رياء ، و لا … تلثمني كذبا و تمويها

يضيع مالي و يزول الصّبي … و حبّها باق و حبّيها

قد وهبتني روحها كلّها … و لم تخف أنّي أضحّيها

سرّ التي غادة بينكم … مهما سمعت في الحبّ تحكيها

فأجفلوا منه كمن حيّة … نهاشة قد عزّ راقيها

و قالت الغادات : أفّ له ، … قد شوّه المجلس تشويها

لو ظلّ فيما بيننا صامتا … لم تسمع الآذان مكروها

و قلقل الفتيان أسيافهم … فأوشكت تبدو حواشيها

و تعتع الشّادي بألحانه … و ماجت الدّار بمن فيها

و قال قوم : خبلته الطلا … و قال قوم : صار معتوها

فصاح ربّ الدّار : يا سيّدي … و صفتها ، لم لا تسمّيها

أتخجل باسم من تهوى ؟ … أحسناء بغير اسم ؟

فأطرق غير مكترث … و تمتم خاشعا … أمّي