نقيلُ مع الدنيا وقد أورقت لنا – مهيار الديلمي
نقيلُ مع الدنيا وقد أورقت لنا … إلى دوحة ٍ لا ظلَّ فيها ولا جنى
ونغترُّ عُجبا بالبقاءِ وإنما … بقاؤك يا مغرورُ ساقَ لك الفنا
أقمتُ وسار السابقون فسرَّني … وماظعنَ الجيرانُ إلا لأظعنا
وصوَّت دهري باسم غيري مغالطا … وإنيوإن لم يسمِ أوَّلُ من عنى
وكيف نرجِّي ودَّ يوم وليلة ٍ … يزيدان مما يُعديان بنقصنا
يسيغ أبونا الدهرُ منّا دماءنا … وتأكلنا من هذه الأرض أمُّنا
ألا طرقتْ صمَّاءُ لا تفهم الرُّقى … ولا ترهبُ الحاوين مسرى ً ومكمنا
لأبنائنا ما فوَّقتْ من نبالها … رمتْ أعزلاً أو دارعا متحصِّنا
أصابتْ صميما من رجالٍ أعزّة ٍ … عليّ نحتهم والمصابُ بها أنا
أحبّاي مدّ الدهرُ نحو حبيبهم … يدا لم تصافح قطُّ إلا لتغبنا
تراءت عيونُ الخطب خزرا لعينهم … ألا ليت أعمى ناظراً لهمُ رنا
سقى الله قبرا بالخضيريّة الحيا … فخضَّره ما أمطرَ المزنُ أدكنا
أميلوا أميلوا من هوادي جيادكم … إليه فحيّوا نخبة َ المجد والسنا
قفوا جرِّدوها واعقلوها عقيرة ً … ليهزلها فقدانُ من كان أسمنا
ومجرورة مبروزة من سروجها … مكسّرة من حولها البيضُ والقنا
لعلّ أبا نصرٍ يردُّ تحيّة ً … وما هو إلا فاعلٌ لو تمكّنا
أيا صاحبي والترب بيني وبينه … برغمي ما اخترتُ الثرى لك مسكنا
عهدتك منّاعا أبيّا فما الذي … خدعتَ به فانقدتَ للموت مذعنا
نعاك لي الناعي فما كدتُ منكرا … ليومك وهو الحقُّ أن أتيقَّنا
فشكَّكتهُ مستوحشا من سماعه … وعمَّيته حتى انجلى وتبيَّنا
أصابَ الردى من شاءَ بعدك إنني … أرى كلَّ يومٍ بعدَ يومك هيّنا
لخولستُ منك البدرَ ليلة َ تمِّهِ … وجوذبتُ منك الغصنَ ساعة َ يجتنى
وكنت لآمالي الفسيحة مسرحا … لو أن المنايا فيك أمهلتِ المنى
عركتَ بقرنٍ لا هوادة َ عنده … فعمَّق مااسطاعَ الجروحَ وأثخنا
إلى ساعة ٍ لا يبلغُ الكيُّ داءها … ولم تشفَ منها جلدة ُ القرفِ بالهنا
ومازلتُ من أخذ الضنا منك مشفقا … عليك إلى أن جاء ما هوَّن الضَّنا
وأستبعدُ اليومَ الذي فيه راحة ٌ … لما تشتكي حتى دنا شرَّ ما دنا
أبا طالبصبرا وإن كان معوزا … فلا فضلَ في صبرٍ إذا كان ممكنا
سلبتَ أخاً فاحفظ عليك ثوابه … فما نمنِ الله الثوابَ لتحزنا
بكرهى أصفيتُ المودّة باكيا … له وقضيتُ الحقَّ فيه مؤبِّنا
على أنه لو هالكٌ رده البكا … نثرنا خدودا في ثراه وأجفنا
وكان خبالا في رزيَّة مثلهِ … ولؤماً بدمع أن يصانَ ويُخزَنا
ولكنَّه ما لان جنبٌ لطارقٍ … من الدهر إلا كان أصعبَ أخشنا
ومن نازَل الأحداثَ بالدمع والبكا … فمقلتهُ أدمى وأضلعهُ حنا