موكب التراب – إيليا أبو ماضي

من أين جئت ؟ و كيف عجت ببابي ؟ … يا موكب الأجيال و الأحقاب

أمن القبور ؟ فكيف من حلّو بها … أهناك ذو ألم و ذو تطراب ؟

و لهم صبابات لنا ؟ أم غودروا … في بلقع ما فيه غير خراب ؟

أمررت بالأعشاب في تلك الرّبى … و ذكرت أننك كنت في الأعشاب

حول الصخور النائمات على الثرى … و على حواشي الجدول المنساب

و على م تصعد كالسحابة في الفضا … و إلى التراب مصير كلّ سحاب

لما طلعت على الشعاع موزّعا … مترجرجا كخواطر المرتاب

و ذهبت في عرض الفضاء كخيمة … رفعت بلا عمد و لا أطناب

قال الصحاب لي استتر و تراكضوا … للذعر يعتصمون بالأبواب

و هب اتقيتك بالحجاب فإنّني … لا بدّ خالعة و أنت حجابي

كم سارح في غابة عند الضحى … جاء المساء فكان بعض الغاب

و مصفق للخمر في أكوابه … طربا ، و طيف الموت في الأكواب

أنا لو رأيت بك القذى ، محض القذى ، … لسترت وجهي عنك مثل صحابي

لكن شهدت شبيبة ، و كهولة ، … و منى ، و أحلاما بغير حساب

و الشاربين بكلّ كأس ، و الألى … عاشوا على ظمأ لكلّ شراب

و الضاربين بكلّ سيف في الوغى ، … و الخانعين لكلّ ذي قرضاب

و الصارفين العمر في سوق الهوى … و الصارفين العمر في المحراب

و الغيد بين جميلة و دميمة … و العاشقين الصّب و المتصابي

و العبد في أغلاله و حباله … و الملك في الديباج و الأطياب

آبوا جميعا في طريق واحد … الخاسر المسبّي مثل السابي

فضحكت من حرصي على ملك الصبا … و عجبت كيف مضى عليه شبابي

ووقعت أنت على تراب ضاحك … لما وقعت عليّ في جلبابي

و كذاك أشواق التراب مآلها … و لئن تقادم عهدها لتراب