من مخبري عن الطَّفلْ – مهيار الديلمي

من مخبري عن الطَّفلْ … قلَّص بعد ما أظلْ

تناصلَ البردِ السَّملْ … ينصاعُ من فرط الوجلْ

من الصباح المشتعلْ … نجاء صلٍّ من وعلْ

أتبعُ منه بالأمل … منسلخا لا يستهلْ

كنت المدلَّ المحتملْ … أيّام نبتي مبتقلْ

غصنٌ يلسُّ بالقبلْ … فليته لم يكتهلْ

ظلُّ دجى ً لما انتقلْ … تحامت الشمسَ المقلْ

يا هلْ ولا تنفع هلْ … يخضب دهرٌ ما نصلْ

قنعتُ منه إذ رحلْ … ببدلٍ ولا بدلْ

مضى بشرَّاتِ الجذلْ … وجاء يأخذُ الأجلْ

طارق شرٍّ مذ نزلْ … أنكرتُ عاداتي الأولْ

ضيفٌ سرى على عجلْ … خاض الدجى وما استدلْ

ثار ولا أرغى جملْ … منبسطا وما سئلْ

ولا دعا بحيّ هلْ … قريتهِ ولم أبلْ

البكراتِ والبزلْ … والضرعَ جهدَ ما احتفلْ

نغبقه فما قبلْ … لحم سواى في الأكُلْ

حتى انتقى لحمي وخلّ … عطَّ الظُّبا رثَّ الخللْ

وقادني نضوا أبلّ … مع الرذايا والهملْ

مطّرحا لا أحتفل … مطرحة الشنّ النغلْ

موت الشباب والغزلْ … ذكرتُ والذكرى شغلْ

بين الجفير والقللْ … حيّاً فؤادي فيه حلْ

رامين بالسود النُّجلْ … فلا يخيب المنتبلْ

يصبن ما تخطى ثعلْ … فعادني عيد الخبلْ

قرفك جرحا ما اندمل … فانشد رقادي أين ضلْ

يوم الأسير في الطِّولْ … يا دار إني لم أسلْ

حين حليتُ بالعطلْ … ونضب الدمعُ وقلْ

أين الشموس في الكللْ … كلُّ مهاة ٍ لم يزلْ

جريحها حتى قتلْ … مرودها إذا صُقلْ

لونهُ صبغ الكحلْ … ذات قوام معتدلْ

من التَّريبِ والكفلْ … بين النشاط والكسلْ

إذا احتبين بالأصلُ … على الأحاديث الفضلْ

ونظم العقدُ وحلّ … من العفافِ والخجلْ

وقد تركنَ في الظُّللْ … مثلَ مباركِ الإبلْ

يا دهرُ أنت والعذل … قد وقرَ السمعُ وملْ

غرَّك من عودٍ بزلْ … نهوضه بما حملْ

عقلا قد اشتاق العقلْ … ربّ طليق محتبلْ

قد عدتُ من تحت الرحلْ … كأن غارتي أظلْ

كم أطلبُ الأمرَ الجللْ … بنصر أيّام خذُلْ

أعلو بحظٍّ قد نزلْ … أسوم خرقاءَ العملْ

أيّ يدٍ لو لم تشلْ … لا تسع الرزقَ الحيلْ

ما أطعم الدهرُ فكلْ … وما حذاك فانتعلْ

يا سقمي كيف أبلّ … والطبُّ أعوانُ العللْ

إن يك مقدارٌ جهلْ … أو سحر آمال بطلْ

فقد يقيلُك الزللْ … مولى ً إذا قال فعلْ

حيّ ابنَ أيوبَ وملْ … إلى ذراه فاستظلْ

تر الأنامَ في رجلْ … سوِّدَ في العشرِ الأولْ

وتمَّ وهو مقتبلْ … وداس عوصاءَ السُّبلْ

إلى الكمالِ فكملْ … إن روّح المزنُ انهملْ

أو أورق الغصنُ حملْ … مدّ يمينا فبذلْ

لولا الندى لم تبتذلْ … هامرها الغيثُ الهطلْ

مطاولا فلم ينل … حتى إذا زادت وقلْ

صاح بها وقد نكلْ … هذا السماح لا شللْ

أي فتى عقدٍ وحل … إن عافت الرأيَ الشُّكلْ

ومرّ يرتاد العللْ … ربُّ الضمير المنقفلْ

أنهلَ رأيا وأعلّ … إذا طغى الخطب وجلْ

وعذرتْ على الفشلْ … نفسُ الشجاع المصمئلْ

وقذف الجرحُ الفتلْ … وكنّ أدواء عضُلْ

خاض من البحر وشلْ … ضحضاحه ثمّ وألْ

يعصر ذيلا من بللْ … لا مكرها لكن بطلْ

فتكَ عجولٍ في مهلْ … مصابرٍ طول الطِّيلْ

إن ركبَ القرنُ نزل … يجيل فكرا لم يُجلْ

إلا لتقويمِ خطلْ … يصحو به اليومُ الثملْ

له وراء ما فعلْ … عينُ عقابٍ يوم طلْ

من معشر راضو الدولْ … وملأوا فرجَ الخللْ

واحتلفوا فلم تحل … أيمانهم على بطلْ

لا صحبوا العيشَ بذلّ … إن أكلَ المالُ عدلْ

مكثرهم حالَ المقلْ … إن هوّموا على ذحلْ

سلُّوا الكرى من المقلْ … وشمَّروا الرُّدنَ الفضلْ

عن كلّ عبلٍ منصقلْ … يحسب من غمدٍ يسلْ

بالسمهريّ قد فتلْ … كأنه من الذُّبُلْ

وأفرغوا من العجل … على عصاراتِ المقلْ

سيوفهم إثر الفلل … تأخذ ما أبقى الأسلْ

جرّبتُ والسيف نكلْ … وإخوة الفقر قللْ

محمدا فلم يحلْ … عن شيم المجد الأولْ

يقظان كالسَّمع الأزلْ … يعقلها ويتكلْ

كم لك في العام الأزلْ … من شافياتٍ للغللْ

من دبرْ ومن قبلْ … مفصَّلاتٍ وجملْ

جودا وفي البحر بخلْ … أطلعني فوق الأملْ

حتى كفاني وفضلْ … فإن جرى قولٌ عملْ

أو يعدل القطر السَّبلْ … فقدْ مصاعيبَ ذللْ

بنات فكر منتخلْ … يولدن من غير حبلْ

إذا مررن في الرِّحلْ … بيبسٍ فهو خضلْ

حاملُها بما نقلْ … في الركب مرحانُ جذلْ

كأنه قد استهلّ … ببابه يومَ ثملْ

كم سهم حاسدٍ نصلْ … عنها وقد خابَ وذلْ

يذمُّ منها ما جهلْ … وودّه إذا احتفلْ

بالبيت منها لو وصل … يقرضه أو ينتحلْ

أو لم يقل فقد هبلْ … من لك أعمى بالحولْ

لا تبلغُ الموتى الرسلْ … إن كنت قوّالا فقلْ

قد جاءني ما يرتجلْ … من عيبتي فما عملْ

مبردقين في الجبل … أمدد يداً قبل زحلْ

إذا ابن أيوب كفلْ … يحفظ غيبي لم أبلْ

اسلم يسالمك الأجلْ … ونل ذرى العزِّ وطلْ

في كلّ يومٍ مقتبلْ … إن طرقَ الخطبُ الجللْ

حجبته فلم يصلْ … وصبْ إذا الغيثُ مطلْ