مما لك الشرق ما في الحق من باس – أحمد محرم
مما لك الشرق ما في الحق من باس … أشفى الجريح وضلت حكمة الآسى
دعى القضاء وما تبغي زلازله … بالشامخ الضخم أو بالشاهق الراسي
واستقبلي ضربات الدهر خاشعة … ذهبن بالقلب أم أودين بالراس
نداعس الحادثات السود ثائرة … والموت يصرع منا كل دعاس
هوى الأمين على أشلاء رفقته … في جوف أشدق للأبطال فراس
طوى الدهور ووارى في جوانحه … ملء الممالك من جن ومن ناس
يرمي الشعوب إذا استعصت بطاغية … جم الصواعق جبار القوى قاس
باد الألى عمروا الأيام زاهية … فما ترى العين منهم غير أرماس
الدهر نشوان ما ينفك يقرعنا … بالحادث النكر قرع الكاس بالكاس
كبرت للفارس المقدام منعفرا … بين الضجيعين من صدق ومن باس
أولى الرجال بسربال الحياة فتى … ضافي السرابيل من نسج الوغى كاسى
لكنه الموت لا يرمى بأسلحة … ولا ترد عواديه بحراس
رمى الأمين بناب غاص نافذه … في أمة رهن أنياب وأضراس
يلقي الشباك عليها كل مقتنص … ويدمن الفتك فيها كل نهاس
ما إن تزال رعاة السوء تجعلها … مرعى عواسل عجلى الشد أطلاس
موقوفة السعي ما يمشي الزمان بها … كأن آمالها شدت بأمراس
تناشد العهد أقواما فراعنة … ساسوا الشعوب فكانوا شر سواس
ينقض جلادهم في كل مملكة … يرمي العبيد ويحمي كل نخاس
بوركت من مؤمن ما كان أطهره … على تصاريف دنيا ذات أرجاس
مستيقن النفس لا يغشى سريرته … ما في السرائر من ظن ووسواس
يشقى به في رداء الحق كل فتى … نزاع أردية في القوم لباس
جم النوازع لا تحصى مذاهبه … ولا تحد مناحيه بمقياس
جنس من الشر ما ينفك واحده … ينشق عن صور شتى وأجناس
الشرق يرجف والإسلام في فزع … عانى الممالك يخشى كل دساس
عالي الضجيج ليوم من مآتمه … كيوم حمزة أو يوم ابن عباس
صيحات تونس ما انفكت تجاوبها … أنات بكين أو رنات مدارس
وعند مكة إذ أودى وجارتها … ما عند بغداد من هم وإبلاس
تمضي الخطوب فتنسى بعد شدتها … وما لخطب بني الفاروق من ناس
راحوا به صيبا من حكمة وهدى … في صيب من دموع الرسل رجاس
نور من الملإ الأعلى مطالعه … ينساب ساطعه في كل نبراس
الفارس العدل لم يجهل على بطل … ولم يذقه الردى إلا بقسطاس
والكاتب الحر لم يهتك حمى قلم … بالترهات ولم يعبث بقرطاس
من معشر غير أنكاس ولا وهن … مستمسكين بحبل الله أكياس
لا تستبيح الدنايا خيس مكرمة … إلا احتمت من سجاياهم بأخياس
هم الكنانة ترمي كل مرتبئ … ضاحي السهام وتنفي كل عساس
لسنا مطايا الأذى إن حاجة عرضت … للغاصبين وما كنا بأحلاس
لا يصلح الأمر إلا في مدارجه … ولا تطول الذرى إلا بآساس
لا جف مثواك من ناء تحيته … ما في الفراديس من ورد ومن آس
أكبرت رزءك حتى ما تجاورني … خضراء إلا ذوت من حر أنفاسي
وكيف تملك نفسي فيك تأسية … والحزن يملك وجداني وإحساسي
لي من مصابك إن نفس امرئ سكنت … نفس الجريح وقلب الجازع الآسى
أبكى الكنانة حيرى لم تصب سعة … من الرجاء ولم تنزع إلى الياس
ما للمآتم والأعراس من خطر … مآتمي هي في الدنيا وأعراسي
كلمات: سعود بن محمد
ألحان: طلال مداح