مصرع القمر – إيليا أبو ماضي

لوعة في الضلوع مثل جهنّم … تركت هذه الضلوع رمادا

بتّ مرمى للدهر بي يتعلّم … كيف يصمي القلوب و الأكبادا

كيف ينجو فؤاده أو يسلم … من تمادى به الأسى فتمادي

أنا لولا الشعور لم أتألّم … ليت هذا الفؤاد كان جمادا

كيف لا أبكي و في العين دموع … كيف لا أشكو و في القلب صدوع

لحظة ، ثمّ صار ضحكي و جيبا … و نشيجا ، و النوم صار سهادا

ربّ لمّا خلقت هذي الخطوبا … لم لم تخلق الحشا فولاذا

كلّما قلت قد وجدت حبيبا … طلع الموت بيننا يتهادى

صرت في هذه الحياه غريبا … ليت سهدي الطويل كان رقادا

فتجلّد أيّها القلب الجزوع … أو تدفّق كلّما شاء الولوع

كان بين الكرى و بيني صلح … فأراد القضاء أن نتعادى

لم أكد أخلع السّواد و أصحو … من ذهولي حتّى لبست السوادا

في فؤادي ، لو يعلم الناس ، جرح … لا يلاشي حتّى يلاشي الفؤدا

يا خليلي ، هيهات ينفع نصح … بعدما ضيّع الحزين الرشادا

أنت لا تستطيع إحياء الصريع … و أنا ، حمل الأسى لا أستطيع

يا ضريحا على ضفاف الوادي … جاد من أجلك الغمام البلادا

فيك أودعت ، منذ ست ، فؤادي … و برغمي أطلت عنك البعادا

غير أنّي ، و إن عدتني العوادي … ما عدتني بالرّوح أن أرتادا

أنبتت حولك الزهور الغوادي … و اللّيالي أنبتن حولي القتادا

و ذبول الغصن في فصل الربيع … لو رآه شجر الروض المريع

كيف لا يتّقي الكرى أجفاني … و جفوني قد استحلن صعادا

و دموعي بلونها الأرجواني … منهل ليس يعجب الورّادا

و الذي في الضلوع من نيران … صار ثوبا و مقعدا ووسادا

كيف يقوي على الشدائد عان … أكل السقم جسمه أو كادا

فإذا ما غشى الطرف النجيع … فتذكّر أنّه القلب الصديع

طائر كان في الربى يتغنّى … أصبح اليوم يحمل الأصفادا

غصن كان و الصبا يتثنّى … هصرته يد الردى فانآدا

نال مني الزمان ما يتمنّى … و أبى أن أنال منه مرادا

و تجنّى ما شاء أن يتجنّى … و استبدّت صروفه استبدادا

حطّم السيف و ما أبقى الدروع … و تداعى دونه السور المنيع

ما لهذي النجوم تأبى الشروقا … أتخاف الكوكب الأرصادا

فرط البين عقدها المنسوقا … أم لما بي البياض سوادا

أم فقدن كما فقدت شقيقا … فلبسن الدجى عليه حدادا

ما لعيني لا تبصر العيّوفا … و لقد كان ساطعا و قّادا

سافرا يختال في هذا الرفيع … هل أتاه نبأ الخطب الفظيع

سدّد الدهر قوسه ورماني … لم تحد مهجتي و لا السّهم حادا

هكذا أسكتت صروف الزمان … بلبلا كان نوحه إنشادا

فهو اليوم في يد السّجّان … يشتهي كل ساعة أن يصادا

فاحسبوني أدرجت في الأكفان … إن أنفتم أن تحسبوا القول بادا

ليس في هذي و لا تلك الربوع … ما يسلّي النفس عن ذاك الضّجيج