محاولة في النافذة – أديب كمال الدين

(1)

جلستُ إلى النافذة

كي أرى أطفالي يطيرون عبر الزجاج

وأمهم تلوّح لي

كي أرى أصدقائي يفرّون إلى حروف الأقاصي

وأرى نقطتي تحلّق شيئاً فشيئاً.

جلستُ إلى النافذة

جلستُ إلى نفسي

فوجدتها تطير إلى النافذة

لكنها اصطدمتْ، واأسفاه، بزجاج الموت.

(2)

جلستُ إلى نفسي

جلستُ إلى النافذة

وصرختُ بالأطفال الذين يلعبون في الشارع: (اذكروني)

لكنهم كركروا كغيمةٍ فرحة.

وصرختُ بالقتلى الذين قاتلوا من أجلٍ ربيعٍ الوهم

لكنهم تسربلوا بدمٍ لزج.

وصرختُ بالسكارى والقحاب

لكنهم انشغلوا بشتائمهم ومهاتراتهم.

وصرختُ حتّى كادت النافذة

أن تقع على رأسي المذهول.

(3)

ولذا سأنادي: أبي

يا سيف صحراء الحرمان،

أبي

أيها الشفوق كهلالِ العيد،

أبي

يا ثمرة الغيب ونتاج العظمة،

أبي يا أبي

أغثني أغثني

فالرماحُ تكاثرت

والنافذة

ضاقت بما ترى

فخفتُ أن تتسع

أو تجنّ.

(4)

أبي

ضاقت النافذة

بنفسها وتحطّمتْ

ونزلَ زجاجُ الموتِ إلى الشارع،

فأزلته بلساني الجريح

يا أبي.