النبيّ الصغير – أديب كمال الدين

الشتاءُ نبيّ صغير،

ملعب للزمان القديمْ،

لحظة للفراش المغطّى بلون القصائد عند اللقاء الأخيرْ

الشتاءُ نبيّ صغير

أطفأ الضوءَ لكنه عاد وقت المساء الوحيد

مثل ارجوحة بللتْها الظهيرة

والعشاءُ الخجولُ الخطى.

الشتاءُ نبيّ صغير فلمّي ذراعي:

وجهَ عشرينَ شهراً وموتاً قديماً

وجه تذكرةٍ لانتظار البرامج.

الشتاءُ نبيّ صغير فلمّي التي صوتها

غابة من زئير البنفسج

صوتها النوم في بركةٍ للطفولة

والتي غادرتْ ليلها مرّةً

فاشترتْ دفتراً سجّلتْ فيه أشجارها

سجّلت فيه شيئاً ونامتْ

مثلما الطفل عند اشتهاء البكاء الأخير.

الشتاء نبيّ صغير فلمّي التي عاشرتْ لونَ خوفي:

وجهَ عشرين قرناً

كلّ قرنِ بيومٍ وحيدْ

كلّ يومٍ بثانيةٍ واحدةْ

والتي غادرتْ ليلها مرّةً

فاشتهتْ أن ترى ليلها مرّةً ثانيةْ.

الشتاءُ نبيّ صغير الأصابع:

بللتْ وجهَها بالمساحيق، عادتْ

خطو فعل عتيق.

الشتاءُ كثيرُ الغيوم

الشتاءُ: الرجالُ الذين ابتدوا صوتَ لحن ٍقديمْ

الشتاءُ: السكائرُ مشعولة في الظلام

الشتاءُ الغريب:

صفحة، ساعة لا تجيد الحديثْ

ضجّة من طيور الفراتْ

الشتاءُ: أغان بلا عودةٍ للنخيل المغطّى باعشاشهِ

الشتاءُ: النساءُ اللواتي يغنين وقت أنهمار السواد

الشتاءُ الذي يخطف الآن صوتي

وجهَ عشرين قرناً

كلّ قرن بيوم وحيدْ

كلّ يوم بثانية واحدةْ

والشتاءُ ابنكِ الماجنُ الصامت

الذي يسألُ الفجر:

أين هذا العشاء الخجول الخطى؟

والشتاء: البحارُ التي تترك الفجرَ صوتاً

ثم تستقبل الفجرَ كأسا ًجديداً

أنتِ فاتنة

كالشواطئ صاخبة

والملاهي التي تتركُ الفجر كأساً

ثم تستقبلُ الفجرَ كأسا ًجديداً

أنتِ فاتنة كالدعابة

والشتاءُ ابنكِ الماجنُ الصامتُ المبتلى

بالعشاء الخجول الخطى

والشتاءُ النبيّ:

بللتْ وجهها بالمساحيق، عادتْ

خطو حرف عتيق

خطو طير يموت

حين يأتي الشتاء:

نبضةً تشتهي صوت أطفالها

والغناءَ الذي ضيّع النخلَ، أعشاشهُ.

حين يأتي الشتاء

ساعة ًمن دموعْ

باقةً من ندى.

الشتاءُ: نبيذ يبدّل صوتاً بآخر

: النجومُ التي علّقتْ فخذها في الجدار

: الطريقُ الذي قلّدته الرياح

: القصيدةُ عند النهاية

: القصيدةُ عند البداية

الشتاءُ: الصديق

الشتاء: البقيّةْ:

أين وجه العشاء؟

أين وجه الشتاء؟