ما للندى لا يلبي صوت داعيه – ابن نباتة المصري
ما للندى لا يلبي صوت داعيه … أظن أن ابن شاد قام ناعيه
ما للرجاء قد اشتدت مذاهبه … ما للزمان قد اسودّت نواحيه
مالي أرى الملك قد فضَّت مواقفه … مالي أرى الوفد قد فاضت مآقيه
نعى المؤيد ناعيه فيا أسفي … للغيث كيف غدت عنا غواديه
واروعتا لصباح عند رؤيته … أظنّ أن صباح الحشر ثانيه
واحسرتاه لنظمي في مدائحه … كيف استحال لنظمي في مراثيه
أبكيه بالدر من جفني ومن كلمي … والبحر أحسن ما بالدر أبكيه
أروي بدمعي ثرى ملك له شيم … قد كان يذكرها الصادي فترويه
أذيل ماء جفوني بعده أسفاً … لماء وجهي الذي قد كان يحميه
جاد من الدمع لا ينفك يطلقه … من كان يطلق بالإنعام جاديه
و مهجة كلما فاهت بلوعتها … قالت رزية مولاها لها إيه
ليت المؤيد لا زالت عوارفه … فزاد قلب المعنى في تلظيه
ليت الحمام حبا الأيام موهبة … فكان يفني بني الدنيا ويبقيه
ليت الاصاغر تفدى الأكبرون بها … فكانت الشهب في الآفاق تفديه
أعزز علي بأن ألقى عوارفه … ملىء الزمان واني لا ألاقيه
أعزز علي بأن تبلى شمائله … تحت التراب وماتبلى أياديه
أعزز علي بأن ترعى النجوم على … سرح من الملك قد خلاه راعيه
هلاّ بغير عماد الدين حادثة … ألقت رداه وأوهت من مبانيه
هلا ثنى الدهر غرباً عن محاسنه … فكان كوكب سعدٍ في لياليه
ترى درى الدهر مقدار الذي فقدت … من فيض أدمعه أحوال أهليه
ترى درى الدهر ما معزى سماحته … فجاء مهجته في زيّ عافيه
لا أعتب الزمن المودي بسيده … يكفيه ما قد تولى عنه يكفيه
لهفي وهل نافعي لهفي على ملك … بات الغمام على الآفاق يبكيه
لهفي وهل نافعي لهفي على ملك … كسى الزمان حداداً من دياجيه
لهفي على الملك قد أهوت سناجقه … إلى التراب وقد حطت غواشيه
لهفي على الخيل قد وفت صواهلها … حقَّ العزا فهو يشجيها وتشجيه
لهفي على ذلك السلطان حين قضى … من الحمام عليه حكمُ قاضيه
لهفي عليه لممتار ومطلب … بالمال يقريه أو بالعلم يقريه
لهفي عليه لجود كان يعجبه … فيه الملام كأن اللوم يغريه
ما خلف ابن علي من ذخائره … إلا ثناً أضحت الدنيا تواليه
لهفي عليه لحلم كان يبسطه … على العفاة ومدح كان يجنيه
كان المديح له عرساً بدولته … فأحسن الله للشعر العزا فيه
كان الفقير اذا أمر الزمان بغى … عليه قام الى السلطان ينهيه
كان المؤيد في يومي ندى وردى … غيثاً لراجيه أو غوثاً للاجيه
تروى صحاح القضايا عن براعته … والنصر في الحرب يروي عن عواليه
من للعلوم وللأعلام ينشرها … و للوغى ورداء الخوف يطويه
من للكسير من الأهوال يجبره … وللطريد من الأيام يؤويه
من للتصانيف أمثال الكواكب في … ليل المداد لساري الفكر يهديه
مضى وقد كان عضباً للزمان فيا … لهفي على مغمد في الترب ماضيه
لو أمكن الصبر عنه ما أنست به … فكيف والحزن من أحشاي ينعيه
آهاً لأحمر دمع بعد أشهبه … أجراه حتى لقد أفناه مجريه
أفنى المؤيد تبر الدمع من بصري … وتلك عادته في التبر يفنيه
كيف السلو وحولي من صنائعه … ما يمنع الصخر من أدنى تسليه
هذي حماة أغص الهم واديها … وطاوع الخزن فيه دمع عاصيه
كأنه استشعر الأحزان من قدم … فللنواعير نوح في نواحيه
هذي المنازل والدنيا معطلة … كأنها اللفظ خالٍ من معانيه
جاد الحيا قبره الزاكي فلا برحت … سحائب العفو والرضوان تسقيه
نعم السحائب تسقي صوب وابلها … نعم الضريح ونعم المرء ثاويه
مهنأ بجنان الخلد دانية … ونحن نصلى بنار من تنائيه
من كان يتعب في المعروف راحته … فهو المهنى بترحيب وترفيه
يا آل أيوب صبراً إن إرثكمو … من اسم أيوب صبر كان ينجيه
هي المنايا على الأقوام دائرة … كلٌّ سيأتيه منها دورُ ساقيه
هي المقادير هذا الأصل تنزعه … بعد النمو وهذا الفرع تنميه
كأنني بسليل المكرمات وقد … سعى بحق تراث الملك ساعيه
محمد وهو اسم عنه مشتهر … ولي بعه بيت اسماعيل ينشيه
يا ناصر الدين أنت الملك قد قرأت … علائم الملك فيه عين رائيه
و من أبيك تعلمت الثبات فما … تحتاج تذكر أمراً أنت تدريه
لا تخش بيتك أن يلوي الزمان به … فإن للبيت رباً سوف يحميه