ما المجدُ إلا بالعزيمة فاعزمِ – مهيار الديلمي
ما المجدُ إلا بالعزيمة فاعزمِ … من لم يغامر لم يفز بالمغنمِ
كم ذا القنوع بوقفة المردودِ عن … بابِ العلاء وجلسة ِ المتظلّمِ
متأخرا بالفضل أبخس حقَّه … وأرى مكانَ العاجز المتقدّمِ
حتى كأنّ خليجَ قلبي ليس في … صدري ولا سيفَ انتصاري في فمي
قد كان يرتاب الغبيُّ بفطنتي … ويريبني بالعجز فرطُ تلوُّمي
ومشى إلى الضيمُ مشى َ تسلُّطٍ … وطماعة ٍ في عفتي وتسلُّمي
وأصاتت الأيامُ بي قم تحتشم … وأشارت العلياء خاطرْ تعظُمِ
إن كنت تنكر يا زماني جلستي … فلأنهضنَّ لها نهوضَ مصمِّمِ
ولتدعونّي ثائرا مستيقظا … إن كنتَ أمس دعوتني في النّومِ
ولأنفضنَّ من الهوينى منكبي … نفضَ العقاب سقيطَ طلٍّ معتمِ
ولألقينَّك راكبا من عزمتي … جرداء تفتح في الطريق المبهمِ
في كفِّ راكبها عنانُ مسمِّح … في السبق غرة ُ وجهه لم تلطمِ
يكفيه وزعة ُ سوطهِ ولجامه … ما مس في فخذيه إثر المحزمِ
تنضو الجياد كأنها ملمومة ٌ … هوت انحدارا من فقار يلملم
تحت الدجى منها شهاب ثاقبٌ … جنّ الخطوب بمثله لم ترجمِ
تهفو على أثر الطرادِ كأنها … قبسٌ تهافتَ عن زنادٍ مصرمِ
تجتاب بي أجواز كلِّ تنوفة … عذراءَ ما وطئتْ وخرقٍ أعجمِ
وإذا حفظتُ النجم فيها لم أبلَ … ما ضاع من أثرٍ بها أو معلمِ
ولقد ركبت إلى المآرب قبلها … ظهرَ الخطار سلمتُ أو لم أسلمِ
أبتاع عزّاً بالحياة ومَن يمِلْ … حبُّ الحياة به يهنْ أو يُظلمِ
في فتية ٍ يتصافنون مياههم … بالراح من حلبْ السحاب المصرمِ
وإذا عيابُ الزاد فيهم أصفرتْ … كان المموِّلُ كلّه للمعدمِ
متهافتين على الرحال فناكسٌ … سئم الكلالَ وناصبٌ لم يسأمِ
والليلُ يطويه السُّرى في مخرمٍ … عنّا وينشره الدجى في مخرمِ
والنجمُ في الأفق المغرّبِ راية ٌ … بيضاءُ أو خدّ الحصان الملجّمِ
حتى صبحنا المجدَ في أبياته … والعزَّ في عاديّة ِ المتقدِّمِ
كرماء يمسى الضيمُ من أعراضنا … وشخوصنا في مزلقٍ متهدّمِ
فكأنّ أيدينا الطوالَ علقنْ من … حبل الوزير بذمة ٍ وتحرُّمِ
وكأنّ مسرانا بغرَّة وجهه … ومرادنا من نيله المتقسّمِ
شعبَ الممالك رأيُ طبّ لم يكن … صدعُ الزجاجة قبله بملأّمِ
جلَّى على غلوائه متعوّدٌ … لم يجرِ طاعة َ حازم أو ملجمِ
ماضٍ يرى أن التأخُّر سبة ً … ما آنستْ علياه وجهَ تقدُّمِ
خفق اللواءُ على أغرَّ جبينه … قبلَ اللقاء بشارة ٌ بالمغنمِ
يصلُ القناة َ بفضلة من زنده … ويزيد حدُّ لسانه في اللَّهذمِ
وامتدّ باعُ الملك منه بساعد … متوغِّلٍ قبل الحسام المخذمِ
تُزهى الدسوت إذا احتبى متوسدا … وتضاءلُ الأحسابُ ساعَ ينتمي
ويردُّ في صدر الزمان براحة ٍ … تزرى أناملها بنوء المرزم
بيضاء يخضرّ العنانُ بمسّها … وتشيبُ ناصية الحصان الأدهمِ
وإذا تدوفعت السياسة ُ أسندت … من رأيه بجنوب طودٍ معصمِ
وإذا الملوك دعوا بخالص مالهم … كان الدعاء مؤيَّدَ الملك اسلمِ
يسمون خيرَ ملقَّبٍ وضعوا له … تاجَ الفخار على جبين الميسمِ
ويقلِّدون أمورهم متعطِّفا … يرعى لحادثهم حقوقَ الأقدمِ
طبّاً بأدواء البلاد إذا سرت … للجور فيها علّة لم تحسمِ
جاءت به أمُّ الوزارة فارسا … ولدته بعدَ تعنُّسٍ وتعقُّمِ
متمرّنا أحيا دروس رسومها الاولى … وزاد فخطَّ مالم يُرسمِ
فغدت ظبا الأقلام يخدمها الظّبا … ويقادُ ألفُ متوَّج بمعمَّمِ
لله درّك والقنا يزُع القنا … بك والفوارسُ بالفوارسِ ترتمي
والخيل تعثرُ بالقنا برءوسها … متبرقعاتٍ بالعجاج الأقتمِ
وعليك من طيش الحلوم سكينة ٌ … وعلى سفاهِ الحرب ثوبُ تحلُّم
ومفاضة ُ الأذيالِ يحسب متنها … أدراجَ ماء في الغديرِ منمنمِ
رتقاءُ يزلقبالأسنّة سردها … زلقَ الصفاة ِ بليلة ً بالمنسمِ
ما زرّها جبن عليكَ وإنما … حكموا بفضل الحزم للمستلئمِ
كم قدتَ من عنقٍ بسيفك لم يُقدْ … فإذا ظفرتَ رحمتَ من لم يرحمِ
وإذا الإباء الحرُّ قال لك انتقم … قالت خلائقك الكرام بل احلُمِ
شرعٌ من العفو انفردتَ بدينه … وفضيلة ٌ لسواك لم تتقدّمِ
حتى لقد ودَّ البرئ لو أنه … أدلى إليك بفضل جاهِ المجرمِ
لا تصلح الدنيا بغير معدّلٍ … يسقي بكأسى شهدها والعلقمِ
يقظان يبسط راحة ً أخَّاذة ً … بحقوقها من مغنم أو مغرمِ
إن سيل رفدا فهي ينبوعُ الندى … أو سيم ضيما فهي ينبوعُ الدمِ
والناس إما راغبٌ أو راهبٌ … فاملكهمُ بالسيف أو بالدرهمِ
ضحكتْ بك الأيامُ بعد عبوسها … وأضاء عدلك في الزمان المظلمِ
وتذلَّلتْ لك كلُّ بكرٍ صعبة ٍ … في الملك فاركتِ الرجالَ وأيِّمِ
كم نعمة ٍ لك ألحقتْ متأخّرا … بالسابقات وحلّقت بمحوِّمِ
وعطيّة ٍ أسرفتَ فيها لم تعدْ … في إثرها بلواحظِ المتندّمِ
أنا غرس نعمتك ارتوت بك أيكتي … بعد الجفوف وقام عندك موسمي
أبصرتَ موضعَ خلتي وسمعتَ لي … وسواك من قد صمَّ عني أو عمي
أغنيتني بجداك حلاًّ واسعاً … عن ضيّق بندى سواك محرَّم
ورفعتَ عن بلل اللئام ورشحهم … شفتي ببحرٍ من نوالك مفعمِ
وحقنتَ طولا ماءَ وجهي عنهم … فكأنما حقنتْ يمينك لي دمي
قد كنتُ عن مدح الملوك بمعزل … وعن السؤال على طريقٍ أيهمْ
لا يشفق البخلاءُ من غضبي ولا … أرضى بفضل عطيّة ِ المتكرّمِ
فنقلتَ بالإحسان تالدَ شيمتي … ونقضتَ شرطَ تقلّلي وتحشمي
وأنلتني ما لم أنل فعلمتُ من … عادات شعري فيك مالم أعلمِ
ولبستُ أنعمك التي من بعضها … أن صرتُ مضطلعا بشكر المنعمِ
فلئن أطاعك خاطري أو أفصحتْ … لك من إبايَ بناتُ فكرٍ معجمِ
وملكتَ من مدحي الذي لم يملكوا … إلا بفرطِ تكلُّف وتجشمِ
فبما نشرتَ منوِّها من سمعتي … وشهدتَ غير مقلِّد بتقدمي
ونصرتَ فيَّ الحقَّ غيرَ مراقب … وحكمتَ بالإنصاف غيرَ محكَّمِ
ولئن بقيتُ لتسمعن غرائبا … لم تعطها قبلي قوى متكلِّمِ
تلك المحاسنُ منجباتُ بطونها … لك بين فذٍّ في الرجال وتوأمِ
يفضي الحسودُ لها قضاءَ ضرورة ٍ … بفضيلة الطاري على المتقدمِ
تنقادُ بين يديك يوم نشيدها … لفمي خطامة ُ كلِّ سمع أصلمِ
يتزاحمون على ارتشاف بيوتها … حشدَ الحجيج على جوانبِ زمزم
ذخر الزمانُ لعصر ملكك كنزها … حتى تكونَ منيرة ً بالأنعمِ
وإذا زففتُ لديك من نحلاتها … عظمَ الفصاحة ِ في المقال الأعظمِ
نطقتْ فصاحتها بأنّى واحدٌ … والشعرُ بين ملجلج ومجمجمِ
قد عطِّلت سبُلُ القريض فكلُّهم … يتخابطون بجنح أعشى مظلم
ما بين حيرة ِ قائل لم يحتشم … كشفَ العيوب وسامع لم يفهمِ
وتكاثرَ الشعراءُ كثرة َ قلَّة ٍ … فغدا السكوت فضيلة ً للمفحمِ
فتملَّ مدحى واحتفظ بي إنني … زادُ المقلِّ ونهزهُ المتغنِّمِ
واعطفْ عليّ وقد عطفتَ وإنما … أبغي المزيدَ وقد بدأتَ فتمِّمِ
أعطيتني سرّاً ولكن لم يبن … بالمال عندك شهرتي وتوسُّمي
فأجلْ على عطفي علامة َ مفخر … يثني برأيك فيّ من لم يعلمِ
يعلو بها بين الأعادي ناظري … ويبين فضلُ تحقُّقي وتحرُّمي
وأعنْ على دنيا حملتُ ثقيلها … بك مع تلاشي بنيتي وتهدُّمي
لا تبلني فيها بغيرك حاكما … لم أخلُ من شكوى بها وتظلُّمِ
وسنان عن حقّي إذا نبّهته … قالت خلائقه الجعادُ له نمِ
لولاك لم أظفر بنهلة ِ طائرٍ … من مالهِ المتأجِّن المتأجمِ
يا بردَ أحشائي صبيحة َ قال لي … هذا الوزيرُ فطب صباحا وانعمِ
فكأنّ أوبة مالكٍ ولك البقا … طرقتْ بها الأخبارُ سمعَ متمِّمِ
عادت إلى دار السلام سعودها … بك فارعها وأقمْ عليها واسلمِ
وهبِ الوصالَ لأنفسٍ مشتاقة ٍ … شوقَ العطاشِ إلى السحابِ المرهمِ
لا حوِّلتْ عنّا ظلالك إنّها … متقيَّلُ الضاحي ومأوى المعتمِ
وخلا الزمانُ وعمرُ ملكك خالد … لم ينتقضْ هرما ولم يتخرَّمِ
وطلعت بالإقبال أشرفَ طالع … من أفقهِ وقدمتَ أسعدَ مقدمِ
ولبستَ للعيدين ثوبيْ دولة ٍ … أرجينِ بين مرقَّشٍ ومرقَّمِ
يصفانِ طولك بين ماض معربٍ … بلسانِ تحلية ٍ وآت معجمِ
فخرت بك الأيامُ حتّى كلُّها … عيدٌ إلى أيّام ملكك ينتمي
وغدت عيونُ الناس عنك كليلة ً … فأعيذُ مجدك من عيونِ الأنجمِ