ماذا جَنَتْه ليلة ُ التَّعريفِ – الشريف المرتضى
ماذا جَنَتْه ليلة ُ التَّعريفِ … شَغفتْ فؤاداً ليس بالمشغوفِ
ولوَ أنَّني أدري بما حُمِّلتُهُ … عند الوقوفِ حذرتُ يومَ وقوفى
ما زال حتّى حلّ حبَّ قلوبنا … بجمالهِ سِرْبُ الظِّباءِ الهِيْفِ
وأرتكَ مكتتمَ المحاسن بعد ما … ألقى تقى الإحرامِ كلَّ نصيفِ
وقنعت منها بالسّلامِ لو انّه … أروَى صَدى أو بلّ لَهْفَ الهيفِ
والحبُّ يُرضي بالطَّفيفِ معاشراً … لم يرتضوا من قلبه بطفيفِ
ويُخِفُّ مَن كان البطيءَ عن الهوى … فكأنّه ما كان غير خفيفِ
يا حبَّها رفقاً بقلبٍ طالما … عرّفته ما ليس بالمعروفِ
قد كان يرضى أن يكون محكّماً … فى لبّهِ لو كنتَ غيرَ عنيفِ
أطْرَحْتِ يا ظمياءُ ثِقْلَكِ كلَّه … يومَ الوَداعِ على فقارِ ضعيفِ
يقتادُه للحبِّ كلُّ مُحَبَّبٍ … ويروعُه بالبينِ كلُّ ألِيفِ
وكأنَّني لمّا رجعتُ إلى النَّوى … أبكي رجعتُ بناظرٍ مطروفِ
وبزفرة ٍ شهدَ العذولُ بأنَّها … من حاملٍ ثِقْلَ الهوَى مَلهوفِ
ومتى جَحَدْتُهُمُ الغرامَ تصنُّعاً … ظهورا عليه بدمعى َ المذروفِ
وعلى مِنى ً غُرَرٌ رمينَ نفوسَنا … قَبْلَ الجِمارِ منَ الهوَى بحُتُوفِ
يسحَبْنَ أذيالَ الشُّفوفِ غَوانياً … بالحْسنِ عن حَسَنٍ بكلِّ شُفوفِ
وعدلْنَ عن لبس الشُّنوفِ وإنَّما … هنّ الشّنوفُ محاسناً لشنوفِ
وتعجبتْ للشّيب وهى جناية ٌ … لدلالِ غانية ٍ وصدِّ صَدوفِ
وأناطتِ الحسناءُ بي تَبِعاتِهِ … فكأنما تفويفهُ تفويفى
هو منزلٌ بُدِّلتُهُ من غيرهِ … وهو الغنى فى المنزلِ المألوفِ
لاتنكريه فهو أبعدُ لبسة ً … من قذفِ قاذفة ٍ وقرفِ قروفِ
وبعيدة الأقطارِ طامسة ” الصّوى ” … من طولِ تطوافِ الرّياحِ الهوفِ
لا صوتَ فيها للأنيسِ وإنّما … لعصائبِ الجنّانِ جرسُ عزيفِ
وكأنَّما حُزُقُ النَّعامِ بدوِّها … ذَوْدٌ شردْنَ لزاجرٍ هِنِّيفِ
قطعتْ ركابى وهى غيرُ طلائحٍ … مع طولِ إيضاعي ونطِّ وَجِيفي
أبغي الذي كلُّ الورَى عن بَغْيهِ … من بين مصدودٍ ومن مصدوفِ
والعزُّ فى كلّ الرّجال ولم ينلْ … عزٌّ بلا نصبٍ ولا تكليفِ
والجَدْبُ مغنى ً للأعزَّة ِ دارِه … والذّلُّ بيتٌ فى مكانِ الرّيفِ
ولقد تعرَّقَتِ النَّوائبُ صَعْدَتي … وأجاد صرفُ الدّهرِ من تشفيفى
وحللتُ مِن ذُلِّ الأنامِ بنَجْوة ٍ … لا لومتى فيها ولا تعنيفى
فبدار أندية ِ الفخار إقامتى … وعلى الفضائل مَربَعي ومَصيفي
وسرى سرى النّجمِ المحلّق فى العلا … نَظْمي وما ألَّفتُ من تَصنيفي
ورأيتُ من غَدْرِ الزَّمانِ بأهلِهِ … من بعد أن أمنوهُ كلّ طريفِ
وعجبتُ من حَيْدِ القويِّ عن الغِنَى … طولَ الزّمانِ وخطوة ِ المضعوفِ
وعمى الرّجال عن الصّواب كأنّهمْ … يَعْمون عمّا ليس بالمكشوفِ
وفديتُ عِرْضي من لئامِ عشيرتي … بنزاهتى عن سيّئى وعزوفى
فبقدر ما أحميتهمْ ماساءهمْ … أعطيتُهمْ من تالِدي وطريفي
كم روّع الأعداءُ قبل لقائهمْ … ببروقِ إيعادى ورعدِ صريفى
وكأنّهمْ شردٌ سوامهمُ وقد … سمعوا على جوّ السّماء حفيفى
قومي الذين تملَّكوا رِبَقَ الورَى … بطعانِ أرماحٍ وضربِ سيوفِ
ومواقفٍ فى كلِّ يومِ عظيمة ٍ … ما كان فيها غيرهمْ بوقوفِ
ومشاهدٍ ملأتْ شعوبَ عداتهمْ … بقذًى لأجفانٍ ورغمِ أنوفِ
همْ خوّلوا النّعيمَ الجسامَ وأمطروا … فى المملقين غنائمَ المعروفِ
وكأنَّهمْ يومَ الوغَى خَلَلَ القَنا … حيّاتُ رَمْلٍ أو أُسودُ عَزيفِ
كم راكبٍ منهم لغاربٍ سَدْفَة ٍ … طرباً لجودٍ أو مهينِ سَديفِ
ومتيّمٍ بالمكرماتِ وطالما … ألِفَ النّدى مَن كان غيرَ أَلوفِ
وحللتُ أندية َ الملوكِ مُجيبة ً … صوتي ومصغية ً إلى تَوقيفي
وحميتُهمْ بالحزمِ كلَّ عَضيهة ٍ … وكفيتُهمْ بالعزمِ كلَّ مَخوفِ
وتراهمُ يتدارسون فضائلى … ويصنّفون من الفخار صنوفى
ويردِّدون على الرُّواة ِ مآثري … ويعدّدون من العلاءِ ألوفى
ويسيِّرون إلى ديارِ عدوِّهمْ … من جندِ رأى العالمين زحوفى
وإذا هُمُ نَكِروا غَريباً فاجئاً … فزعوا بنكرهمُ إلى تعريفى
دفعوا بى َ الخطبَ العظيمَ عليهمُ … واستعصموا حَذَرَ العدَى بكنُوفي
وصحبتُ منهمْ كلَّ ذي جَبْرِيَّة ٍ … سامٍ على قلل البريّة ِ موفِ
ترنو إليهِ وقد وقفتَ إزاءَه … بين الألوف بناظرى ْ غطريفِ
فالآنَ قلْ للحاسدين: تَنازحوا … عن شمس أُفقٍ غيرِ ذاتِ كُسوفِ
ودعوا لِسيلِ الواديين طريقَه … فالسَّيلُ جرّافٌ لكلِّ جَروفِ
وتزوّدوا يأسَ القلوب عن الذّرا … فمنيفة ٌ دارٌ لكلِّ منيفِ
وارضَوْا بأنْ تَمشُوا ولا كرمٌ لكمْ … في دارِ مجدِ الأكرمينَ ضُيوفي