ليلة معها – محمد مهدي الجواهري

لا أكذبَنّكِ إنّني بَشَرٌ … جَمُّ المساوي آثِمٌ أشِرُ

لا الحبُّ ظمآناً يُطامِنُ مِنْ … نفسي وليس رفيقيَ النظَر

ولكم بَصُرْتُ بما أضيقُ به … فودِدْتُ أنّي ليس لي بصر

أو أنني حجر وربتَّمَا … قد بات أرْوَحَ منّيَ الحَجَر

لا الشيءُ يُعْجِبُهُ فَيَمْنَعُهُ … فإذا عداه فكلّهُ ضَجر

ولكم ظَفِرتُ بما بصرتُ به … فحَمِدْت مرأى بعدَهُ ظفَر

شفتاي مُطْبْقَتَانِ سيدتي … والخُبْرُ في العينينِ والخَبَر

فاستشهِدِي النظراتِ جاحِمَةً … حمراءَ لا تُبْقي ولا تَذر

ولرغبة في النفس حائرة … مكبوتة يتطايرُ الشرر

إنا كلينا عارفان بما … حَوَتِ الثّيابُ وضَمَّتِ الأزُر

وبنا سواءً لا حياءَ بنا … الجذوةُ الخرساءُ تستعر

فعلى مَ تَجتهدين مُرْغَمَةً … أن تَسْتري ما ليس يَنْسَتِر

كذب المنافقُ . لا اصطبارَ على … قدٍّ كَقَدِّكِ حينَ يُهتَصَر

ومُغَفَّلٌ من راح يُقنِعُه … منك الحديثُ الحلوُ والسمر

يُوهي الحجى ويُذيبُ كلَّ تُقىً … من مُدّعيهِ شبابُك النَّضِر

ويَرُدُّ حلمَ الحالمين على … أعقابِهِ التفتيرُ والخَفَر

النَّفْسُ شامخةٌ إذا سعُدَتْ … بك ساعةً والكونُ مُحْتَقَر

وفداء ” محتضن ” سمحتِ به … ما تفجع الاحداثُ والغير

حلم أخو اللذاتِ مفتقد … امثالُهُ وإليه مفتقِر

وسويعة لا أستطيعُ لها … وصفاً فلا أمْنٌ ولا حَذَر

يدها بناصيتي ومحْزَمُها … بيدي . فمنتَصِرٌ ومندَحِر

فلئن غَلَبْتٌ فَخَيْرُ متَّسَدٍ … للشاعرِ الأعكانُ والسُرَر

ولئن غُلِبْتُ فغالبي مَلَك … زاهٍ . بهِ صافحٌ عني ومغتفر

أمسكتُ ” نهديها ” وأحسَبُني … أشْفَقْتُ أن تتدحرجَ الأُكَر

عندي من استمتاعةٍ صُوَرٌ … ومِنَ التَّغنُّجِ عندَها صُوَر

قالت وقد باتَتْ تطاوعُني … فيما أُكَلِّفُها وتأتَمِر

أمعانياً حاولتَ تَنْظِمُها … تختارُ ما تَهْوى وتَبْتَكِر

إني وردتُ ” الحوضَ “ممتلئاً … ” شَهْداً ” يفوحُ أريجُهُ العَطِر

ولقد صدرتُ وليس بي ظَمَأٌ … للهِ ذاكَ الوِردُ والصَّدَر

وإذا صدقتْ فانه بدَنٌ … لأطايب اللذاتِ مُخْتَبَر

يا زهرةً في ريعها قُطِفَتْ … كأرقِّ ما يتفَتَّقُ الزَّهَر

نِعْمَ القضاءُ قضى بمرتشَفٍ … لي من ” لماك ” وحبّذا القَدَر

ما إنْ أخَصِّصُ منكِ جارحةً … كلَّ الجوارحِ منكِ لي وطر

يُزرْي بفلسفةٍ مطّولةٍ … والعلمُ شيءٌ فيك ” مُخْتَصَر”

” ومعبد ” لم يبل منهجه … بالسالكيه . ولم يَلُحْ أثَر

إني لآسَفُ أنْ يجورَ على … خدّيكِ خدٌّ كلُّهُ شَعَر

وعلى إهابٍ منكِ ممتلئٍ … مَرحَا إهابٌ مِلؤُهُ كَدَر

هذا الحريرُ الغَضُّ مَلْمِسُهُ … حَيْفٌ يُخَدِّشُ جَنْبهُ الوبر

عيني فِدى قَدَمَيَكِ سيّدتي … عيناكِ قد أضناهُما السَّهَر

لا أكتفي بالروحِ أُزْهِقُها … عُذرا اليكِ فكيف أعتذر

قلبٌ تجمَّعَتِ الهُمُومُ به … نَفَّسْتُ عنه فهو مزدهِر

ضنكُ المنافذِ لا مكانَ به … لمَسَرَةٍ واليومَ ينتشر

لَوْ لَمْ تُحلِّيه على سعةٍ … من رُحْبِ صدركِ كانِ يَنْفَجِر

سَحَرٌ زماني كلُّهُ لِهَوَى … ليلٍ بقربِك كلُّه سَحَر

وأرى لياليَّ الطِوالَ بها … شَبَهٌ ففي ساعاتِها قِصَر