لو كانَ يرفقُ ظاعنٌ بمشيِّعِ – مهيار الديلمي

لو كانَ يرفقُ ظاعنٌ بمشيِّعِ … ردُّوا فؤادي يومَ كاظمة ٍ معي

قالوا النَّوى وخرجتُ وهوَ مصاحبي … ورجعتُ وهوَ معَ الخليطِ مودِّعي

فلأيِّما من مهجتيَّ تأسُّفي … وبأيِّ قلبيَّ الغداة َ تفجُّعي

لا كانَ يومٌ مثلُ ذاكَ لآئبِ … بجوى ً ولا غادٍ سرى لمْ يمتعِ

يومٌ يعدُّ الجلدُ كلُّ ملاوذٍ … منهُ ويعذبُ فيهِ ملحُ الأدمعِ

أنشأتُ أسمي فيهِ غيرُ نشيدتي … منْ حيرة ٍ وأرودُ غيرَ المنجعِ

أطاُ الكرى متململاً وكأنَّني … لهباً وقعتُ على حرارة ِ أضعلى

هلْ يملكُ الحادي تلُّمُ ساعة ً … إنَّ البطيءَ معذبٌ بالمسرعِ

أمْ هلْ إليهِ رسالة ٌ مسموعة ٌ … عنِّي فينصتَ للبليغِ المسمعِ

روِّحْ بذي سلمٍ على متأخِّرٍ … يبغي اللَّحاقَ وإنْ أبيتَ فجعجعِ

وتوخَّها في التَّابعينَ مثوبة ً … إنَّ المشوقَ إذا تخلَّفَ يتبعِ

الشّمسُ عندكَ في الخدودِ وعندنا … شمسٌ إذا متعَ الضحى لمْ تنصعِ

فتَّ العيونَ بها فهلْ في ردِّها … طمعٌ فكيفَ لنا بآية ٍ يوشعِ

نمْ نومة َ اليأسِ القريرة َ إنْ أوى … جنبٌ يقلِّبهُ فراقُ المضجعِ

واعلمْ بأنَّكَ إنْ رأيتَ فلنْ ترى … يوماً كأمسكَ في الزَّمانِ الأجرعِ

فوراءِ عهدك بالنَّخيلهِ جونة ٌ … بهماءَ تلعبُ بالمحبِّ الموجعِ

تعمى على بصرِ الدَّليلِ فجاجها … تيهاً فتخرتُ بالبروقِ اللُّمَّعِ

ركبتْ بها عجلى ترى منْ سوطها … أفعى متى ونتِ الرَّكائبِ تلسعِ

ورهاءَ ما نفضتْ يداً منْ حاجرٍ … إلاّ وقدْ غمستْ يداً في لعلعِ

لمْ تألفِ البيداءَ قبلَ جنونها … منْ ذاتِ خفٍّ أو تطيرَ بأربعِ

إنْ شاءَ بعدهمُ الحياءَ فلينسكبْ … أو شاءَ ظلُّ غمامة ٍ فليلقعِ

فمقيلُ جسمي في ذبولِ ربوعهمْ … كافٍ وشربي منْ فواضلِ أدمعي

كرمتْ جفوني في الدِّيارِ فأخصبتْ … فغنيتُ أنْ أردِ الدِّيارَ وأرتعي

فكأنَّ دمعي مدَّ منْ أيدي بني … عبدِ الرَّحيمِ ومائها المتنبِّعِ

وسهرتُ حتّى ما تميِّزُ مقلتي … فرقانَ مغربِ كوكبٍ منْ مطلعِ

فكأنَّ ليلي معْ تفاوتَ طولهِ … أسيافهمْ موصولة ً بالأذرعِ

لا يبعدنَّ اللهَ دارَ معاشرٍ … مذْ جمَّعوا شملَ العلا لمْ يصدعِ

حملوا العظائمَ ناهضينَ بأنفسٍ … لمْ تنقبضْ وكواهلٍ لمْ تظلعِ

مترادفينَ على الرِّياسة ِ أقعدوا … منها على سيساءِ ظهرٍ طيَّعِ

لمْ يزلقوا في ظهرها قدماً ولا … عثروا بها متعوِّذينَ بدعدعِ

داسوا الزَّمانَ فذلَّلوا أحداثهُ … بأخامصٍ فوقَ الأضالعِ وقَّعِ

متسلطينَ على جسامَ امورهِ … وثبَ الأسودِ على البهامِ الرُقَّعِ

أنفوا منَ الأطرافِ والأوساطِ فاس … تلبوا العلاءَ منَ المكانِ الأرفعِ

تعطيهمُ آراؤهمْ وسيوفهمْ … كفَّ الزَّمانِمنَ المخوفِ المفزعِ

ولدوا ملوكاً فالسِّيادة ُ فيهمُ … مطبوعة ٌ لمْ تكتسبْ بتطبُّعِ

للشَّيخِ والكهلِ المرجَّحِ منهمُ … ما للموشَّحِ والصغيرِ المرضعِ

لكنْ عميدُ الدَّولة ِ الشَّمسُ التي … عنتِ النُّجومُ لنورها المتشعشعِ

سبقَّ الأوائلَ فاستبدَّ بشوطهِ … متهملاً والسبقُ للمتسرِّعِ

ورأى نجابة َ منْ تأخَّرَ منهمُ … عنهُ فقالَ الحقْ نشاوى واتبعِ

فضلوا بهِ ولكلِّ ساعٍ منهمُ … مجدٌ فضيلة َ غالبٍ بمجمَّعِ

منْ ناقلٍ صدقَ الحديثِ معوَّدٍ … حفظَ الأمانة َ للصَّديقِ المودعِ

يطوي الطَّريقَ نشيطة ً حركاتهُ … للصَّعبِ منها والذّليلِ الطيَّعِ

تتجمَّعُ الحاجاتُ عندَ نجاحها … للمرسلينَ بشملهِ المتوزِّعِ

ما بينَ وقتِ رحيلهِ وإيابهِ … إلاَّ مسافة ُ مثلثٍ أو مربعِ

حتَّى ينيخَ بثقلهِ وبضيفهِ … بالمستخفِّ وبالوهوبِ الموسعِ

فيقولُ عنِّي للوزيرِ وربما … تردُ الرِّسالة ُ منْ سوايَ فلا يعي

كمْ تأخذُ الأشواقُ منْ جلدي وكمْ … قلقي بحملِ فراقكمْ وتروُّعي

وإلامَ طولُ رضايَ بالميسورِ منْ … حظِّي وفرطُ تعفُّفي وتقنُّعي

طيانَ أبغي الوفدَ بينَ معاشرٍ … حبُّ العلا في دينهمْ لمْ يطبعِ

يا ضلَّتي ما قمتُ أطلبُ عندهمء … رزقاً عداكَ ويا سفاهة َ مطمعي

ومنَ العناءِ وأنتَ ساكنُ موضعٍ … طلبُ العلا في غيرِ ذاكَ الموضعِ

وهبَ النَّوالَ على العبادِ مكايلي … منْ راحتيكَ بمفعمٍ وبمترعِ

ونداكَ مثلُ الطَّيفِ يخرقُ جانباً … عرضَ الفلا حتَّى يجاسدَ مضجعي

فجمالُ أيَّامي بحضرتكَ التي … هي منيتي يومَ الفخارِ ومفزعي

وجلاءُ طرفي وانبعاثُ خواطري … ما بينَ مرأى منْ عداكَ ومسمعِ

حظٌّ لعمركَ لا اعتياضَ لناظري … منهُ ولا لفؤادي المتصدِّعِ

يا غائباً غدتِ الوزارة ُ بعدهُ … شلوَ الفريسة ِ في الذئابِ الجوَّعِ

تتدافعُ الأيدي الضِّعافُ بثقلها … بهراً وما في صدرها منْ مدفعِ

وضعَ اسمها في كلِّ معنى ً حائلٍ … نابٍ لها ولمثلها لمْ يوضعِ

يسمى بها منْ لمْ يكنْ يسمو لها … غلطاً ويطمعُ كلُّ منْ لمْ يطمعِ

تدعو مغوِّثة ً بمالكِ رقِّها … منْ بينِ قبضتِ غاصبٍ أو مدَّعي

فاسئلْ أسودُ الغابِ كيفَ تفسَّحتْ … للشاءِ عنْ هذا العرينِ المسبعِ

ما قمتمُ عنها وفيها متعة ٌ … وأبيكمُ للجالسِ المستمتعِ

والملكُ مذْ أهملتموهُ بيضة ٌ … لمْ يحملها أنِفٌ وسرحٌ ما رعي

مازالَ يسري الدَّاءُ في أعضائهِ … أو ماتَ أو إنْ لمْ يمتْ فلقدْ نعي

يفديكَ منهمُ نائمٌ عنْ رشدهِ … أو حاسدٌ لكَ ساهرٌ لمْ يهجعِ

متصوبِ القدمينِ خفَّاقُ الحشا … في حيثِ يثبتُ للقنا المتزعزعِ

يعطي الرياسة َ قابضاً أو باسطاً … خرقاءَ كيفَ تصرَّفتْ لمْ تصنعِ

جعلَ الوعيدَ على العبادِ سلاحهُ … ووعيدهِ شنٌّ بكفِّ مقعقعِ

غضبانَ أنَّكَ سالمٍ منْ كيدة ٍ … غضبَ الفرزدقَ منْ سلامة ِ مربعِ

تتلى صفاتكَ وهوَ يعجبُ سادراً … عجبُ الجبانِ منَ الكميِّ الأروعِ

ولئنْ عظمتَ وقلَّ أنْ تفدى بهِ … فالعينُ تقذى مرَّة ً بالإصبعِ

عدني بقربكَ إنَّهُ منْ فاتهُ … إدراكُ حظٍّ عاشَ بالمتوقَّعِ

وامددْ إليَّ يداً لو أنَّكَ في السُّها … وعلى الثَّرى أهلي لنالتْ موضعي

بيضاءَ خضراءُ النّضدى أغدوا بها … أبداً رطيبَ التُّربِ سبطَ الأربعِ

تجري بسدَّة ِ خلَّتي أقلامها … تملى المضاءَ على السُّيوفِ القطَّعِ

واسمعْ على بعدِ الدِّيارِ وقربها … مثلَ القراطِ تعلُّقاً بالمسمعِ

غرراً بكاراً أسلمتْ لي عذرها … لو لمْ أكنْ فحلاً لها لمْ تفرعِ

ممّا اصطفيتكَ في الشَّبابِ وشائباً … منْ صفوتيهِ بمقرحٍ وبمجذعِ

وجعلتهُ لكَ أو لقومكَ نحلة ً … لولايَ أو لولاكمُ لمْ تشرعِ

أحوي أراقمهُ بفضلِ تلطُّفي … فيعي وأخدعُ منهُ ما لمْ يخدعِ

أرسلتهُ طلقَ السِّهامِ إذا استوتْ … لمْ تنعرجْ وإذا مضتْ لمْ ترجعِ

فبقيتَ لي ولهُ وآية ُ معجزي … لولاكَ في إظهارهِ لمْ تصدعِ

ماكرَّ يومٌ عائدٌ بصباحهِ … ورواحهِ منْ مغربٍ أو مطلعِ

وتحالفتْ في العربِ أو في فارسٍ … أعيادها في تالدٍ ومفرَّعِ