لنا من ليلنا بلوى الصريم – مهيار الديلمي
لنا من ليلنا بلوى الصريم … قراعُ الهمّ أو عدُّ النجومِ
حبسنا العيشُ منه على بخيلٍ … نؤمِّلُ عنده جدوى الكريمِ
فلم نقفِ السؤالَ على مجيبٍ … ولم نشكُ الغرامَ إلى رحيمِ
سوى ذكرى نزتْ بجوى ً دفينٍ … كما كرَّ العدادُ على السليمِ
عطارٌ في الثرى وطروسُ وحيٍ … تحادثنا عن العهد القديمِ
سقاكَ وإن صممتَ فلم تفدنا … سوى سفه المنازل بالحلومِ
رقيقُ القطرِ حنَّانُ العشايا … نتاجَ المنجباتِ من الغيومِ
تعودُ مع الصَّباح له بدانا … جسومُ الناحلاتِ من الرسومِ
عصيتْ لوائحي وأطعتُ وجدي … برملة َ والخيارُ إلى الملومِ
فما العدوى على ولهي ودمعي … وقد حكَّمت في قلبي خصومي
وأرسلتُ اللحاظَ على يقينٍ … بما تجنى العيونُ على الجسومِ
فإن تك صاحبا وعزمتَ رشدا … غداً وحملتَ شطرا من همومي
فمل ميلَ الغميم وحيِّ عنّى … مواسمَ للبطالة ِ بالغميمِ
وقل لملاعبِ العلمينسيري … مع الحيِّ المقوّض أو أقيمي
إذا عريَاللِّوى من شجو قلبي … ومن طرفٍ أصيبَ به سقيمِ
فلا ناحت بحاجرَ بنتُ غصن … ولا نظرتْ برامة أمُّ ريمِ
سقى الله العراقَ بما سقاني … حلوبة َ لا السحابِ ولا الكرومِ
وأنصفَ بين أيّامي وبيني … إذا المظلوم دينَ من الظَّلومِ
أعاتبها وعنّى صمَّ سمعٌ … لتنزعَ وهي توغلُ في صميمي
فيوما في شبابي أو حميمي … ويوما في صديقي أو نديمي
طوارقُ للبعاد فرت أديمي … بحدّ شفارها فريَ الأديمِ
أعالجها بصبري وهو داءٌ … كما تقعُ الكلومُ على الكلومِ
تكنَّفني الزمان يطيلُ ضغطي … فما أنفكُّ من جنبٍ أليمِ
ويُضعفُ منَّتي ويميتُ فضلي … تطلّبي الثراءَ من العديمِ
وكان يضئُ لي أملي فأسري … فقد أضللتُ في الأملِ البهيمِ
كأنّي لم أنطْ بالمجد همّي … ولم أركبْ إلى العلياء عزيمي
ولم أهتك دجُنّة َ كلِّ خطبٍ … بفجرٍ من بني عبد الرحيمِ
يضيءُ ليَ المنى ويدُلُّ عيني … على نهج العلاءِ المستقيمِ
فقام البعدُ بينهمُ وبيني … بروعة ِ مقعد منهم مقيمِ
وولَّوها الأعنّة َ مطلقاتٍ … وبقَّوني أعضُّ على الشكيمِ
فهل بُلِّغتمُ أخبارَ قلبي … على التصحيح في النقلِ السليمِ
وهل يدرون ما سهري ووجدي … إذا سكنوا إلى الليل المنيمِ
وطوفي بالبلايا والرذايا ال … معرَّة بعد بزلهم القرومِ
بلى عند الوزير بذاك علمٌ … وأنباءٌ تشقُّ على الكريمِ
سيجمعها وإن طفتُ انتشارا … عظيمٌ لا يروَّعُ بالعظيمِ
وفيُّ العهدِ في قربٍ وبعدٍ … غنيُّ النفس من كرمٍ وخيمِ
من البيت الذي بذؤا بتيه … سما والمنبت الزاكي الأرومِ
وقوم تذهبُ الأحساب عرضا … ومنصبهم على السَّننِ القديمِ
يسود الناسُ شيبا أو كهولا … وفيهم سؤدد الطفلِ الفطيمِ
دعوا بزل الرجال وهمْ جذاعٌ … وتمُّوا في المراسلِ والتميمِ
وساسوا الدهرَ والسلطانَ عسفا … وليناً بالحميَّة ِ والحلومِ
فما أشروا مع القدرِ الموالي … ولا بطروا على الملك العقيمِ
مضوا سلفَ العلا وأذى الأعادي … وأندية َ النّدى وشجا الخصومِ
وأطلعتِ السعودُ لهم هلالا … جديدَ النور بانَ من النجومِ
وفى لهمُ أبوسعدٍبسعيٍ … مزيدِ الحضرِ طمَّ على الرسيمِ
وصاغ بذكره تيجانَ فخرٍ … على جبهاتهم بدلَ الوسومِ
يموتُ الدهرُ من هرمٍ وتفنى … بنوهُ وهي باقية ُ الرسومِ
عدوّك بعدَ بُعدك مثلُ ملكٍ … سحيلِ الحبل منقوض الجريمِ
تهافتَ شمله وهوى سقيطا … تداعي الملكِ في العقدِ النظيمِ
عصى بك والدا حدبا فآل ال … عقوقُ به إلى ذلِّ اليتيمِ
تعاورهُ الولاة ُ فشذَّبوه … بعسف الغمز أو عسف الغشومِ
فدولته الشَّعاعُ بلا عميدٍ … وأمته الضياعُ بلا زعيمِ
أحلَّ حرامها فقد استبيحت … وكانت من جوارك في حريمِ
توالغُ في جوانبها ذئابٌ … منعتَ أنوفها قصَّ الشميمِ
فها هي لا تظنّ بها شفاءً … إذا الإبلالُ قدِّرَ في السقيمِ
بلى أرجو لها بك أو لأخرى … علاجَ الداءِ أو سدَّ الثُّلومِ
إذا اضطّروا وأجدب وادياهم … إلى استمطار وابلك العميمِ
ديونٌ لي على الأيّام فيكم … وغائبة ٌ تبشِّر بالقدومِ
أطالبها وأعلمُ أن ستقضى … وإن طالت مماطلة ُ الغريمِ
بغاك لها وقد قرنت وأنَّتْ … وجرَّ نهوضها طولُ الجثومِ
فإنَّ الأمر يبطئُ ثم يأتي … أحبَّ من التسرُّع والهجومِ
وبعدُ على النوى وعلى التداني … فقد أشقيتني بعد النعيمِ
قود خلَّفتني من كفِّ دهري … بطول الصدِّ في أسرٍ لئيمِ
أروضُ الحمدَ في أيدٍ جعادٍ … وأرعى جانبَ العيش الذميمِ
تصوَّحَ مرتعي وذوتْ عروقي … بهجرِ سحابك الصخبِ الهزيمِ
ولم تك قطّ في سعة ٍ وضيقٍ … لتغفلني وتشغلَ عن رسومي
فما بالي جفيتُ أما حديثي … يذكّرك الحقوقَ أما قديمي
ألستَ بصحبتي ووفاي أهلا … بمنزلة المساهمِ والقسمِ
نظقتُ ولو أطقتُ لطال صمتي … على ما اعتدتُ من خلقي وخيمي
ولكنّي أطقتُ جنونَ دهرٍ … ينقّل شيمة َ الرجلِ الحليمِ
بقيتُ لمدحكم فابقوا لرفدي … على رعى المصوِّح والهشيمِ
فإني ما وجدتكمُ قليلٌ … من العدم ارتياعي أو وجومي
لكم في كلّ غاسقة ٍ وفجر … حبائر من فمي رقشُ الوشومِ
تكون عليكمُ دُرّاً نثيرا … وحصنا من عدوّكم الرجيمِ
بنيتُ لكم بها مجدا مضافا … إلى مجدِ الخؤلة العمومِ
يزوركمُ بها النّيروز يسري … بطول اللّبثِ فيها واللزومِ
بواقي فيكمُ متداولاتٍ … بقاءَ الفخرِ في سلفى تميمِ