للنقص من أعمارنا ما يكملُ – مهيار الديلمي
للنقص من أعمارنا ما يكملُ … والدهر يؤيسنا ونحن يؤمِّلُ
تمشي المنونُ رويدها لتغرَّنا … أبداً فتدركنا ونحنُ نهرولُ
يا معجباً بالعيش طال بقاؤه … نظرا بقاؤك في المنيّة أطولُ
عن جانبي دنياك فارغبْ آبقا … ودى الحريصُ وما نجا المتوكّلُ
وإذا الجفون تخلَّصت من مجهل ال … شُّبهاتِ خلَّص نفسه من يعقلُ
من هالكٍ درست عشيّة ُ هلكه … سبلُ الصلاح وكلُّ نهجٍ مشكلُ
من كان في الغفلاتِ أعلمَ نفسهُ … أنَّ المنية طالبٌ لا يغفلُ
أبكيك للحسناتِ مِتَّ فطلِّقت … وابنِ السبيل ثويت فهو مسبَّلُ
حملوك والبركاتُ حولك والهدى … ميتٌ بموتك فوق نعشك يُحملُ
ونزلتَ حيث تقرُّ عينُك لا كما … كانت عيون الحزن حولك تهملُ
يا قبره النضرَ المروَّضَ بعدما … قد كان قبل القطر وهو الممحلُ
بلِّغه عن حزني السلامَ وقل له … جلدي وإن أظهرتهُ متعمَّلُ
أوحشتَ هذا المنزلَ البالي الرُّبى … فهل استفاد الأنسَ ذاك المنزلُ
هيهات صمَّ فليس يوصلُ مفصحٌ … قولا إليه ولا يبلِّغُ مرسلُ
قل لابنه والخير قولُك لابنه … من كان مسعوداً فمثلك ينسلُ
لو ردَّ بالجودِ المنيَّة َ باذلٌ … نجَّى أباك من الردى ما تبذلُ
أو كان طالبهُ يقاتلَ دونه … ملأ البسيطة َ دونه من تقتُلُ
أو كان داءٌ يُستطبُّ شفيتهُ … لكنّه الداءُ العياءُ المعضلُ
دنيا تسرُّ بما تضرُّ بمثله … فاسمٌ لها شهدٌ ومعنى ً حنظلُ
صبراً ومن عجب الرزايا أنّه … فيها يُبصَّرُ كيف يصبرُ يذبلُ
واعلم بأنّ أباً فداك بنفسه … لتهونُ ميتتهُ عليه وتسهلُ
فوزاً له إذ كان قبلك يومُهُ … كم موتة ٍ هي من حياة ٍ أفضل
ولئن رمته يدُ المنونِ فسهمهُ … وقد اتقتك بما رمته المخصلُ
يسليك عنه أن ملأتَ فؤاده … من كلّ فائدة ٍ تقالُ وتُفعلُ
وأريته قدميك وهو بمعزلٍ … متودِّعٌ حيث السِّماك الأعزلُ
لا يظفرنّ الحزنُ منك بمهجة ٍ … لم تلق يوماً ما له تتذللُ
حاشاك يجمعنا بدارك مفزعٌ … أبداً ويُعقد للمساءة محفلُ
وورثت عمرَ الدهر سومك عيشة ً … في العزّ تسحبُ ما تشاءُ وترفُلُ
فإذا سلمتَ عليه حيّاً مقبلاً … فأبوك تحتَ الترب ميتٌ مقبلُ