لعلَّ لها مع النسرين سرا – مهيار الديلمي

لعلَّ لها مع النسرين سرا … فدعها طائراتٍ أن تمرا

ركائب واثقين من الأماني … و اظهرها بما قتلته خبرا

تلوح خواطفا فتظنُّ أمراً … بها في السير وهي تريد أمرا

سواءٌ عند أعينها سرارا … قطعنَ الشهرَ أو سايرن بدرا

و لولا أن يخضن مع الدراري … سوادَ الليل لم يخلقنَ حمرا

يحطُّ الميسُ منها عن جنوبٍ … محلقة ٍ وكنَّ رحلنَ شعرا

إذا أرسلنَ في الحاجات خطباً … حبونكَ ثيبا منها وبكرا

يكنَّ إلى فواركها شفيعاً … يقرُّ نفارها ويكنَّ مهرا

وراءَ العزّ نطلبهُ فإما … وصلنا أو بلغنا فيه عذرا

و ماء تحبسُ الأنفاسُ منه … و تستشري به اللهواتُ حرا

وردت مع القطا الكدرى َّ منه … أجوناً من يقايا الصيف كدرا

أسيغُ شرابهُ المكروهَ حلوا … إذا قايستهُ بالذلَّ مرا

و بيتِ قرى ً تشرف ساكنوه … يفاعا يقسرون العيشَ قسرا

نزلتُ به وفيه غنى ً لقوم … و سرتُ بجودهم وتركتُ فقرا

و كالمهراتِ في فتياتِ حيًّ … حكينَ رماحه فخطرنَ سمرا

يردن الخيرَ إلا أنَّ قولا … يظنُّ المستريبَ بهنَّ شرا

خلوتُ بنومهنَّ فلم أوسدْ … يدي جنياً ولا جنبيَّ نكرا

و رحتُ وقد ملاتُ الودَّ عيناً … بما أودعتها وملأتُ صدرا

و قافية ٍ على الراوي لجوجٍ … خدعتُ نفارها حتى استقرا

تموتُ بموتِ قائلها القوافي … و تبقى َ لي وللمدوحِ ذكرا

فصحتُ ليعربٍ فيها كأني … عجمتُ ببابلٍ فنفثتُ سحرا

طلبتُ لها من الفتيان فذا … يكون لعقدها المنظومِ نحرا

فلم يعدُ ابنَ أيوبَ اختياري … و قد عمقتُ في ذا الناسِ سبرا

و ما طوفت في الآفاق إلا … وجدتك أنتَ أينَ طلبتُ حرا

جنبتُ بك الهوى كهلا كأني … جنبتُ يدى الشبابَ المسبكرا

و علقتُ المودة َ منك كفي … على زلقٍ متينِ الفتلِ شزرا

دعوتك والحوادثُ ذاهباتٌ … بسرحِ تصوني طردا وطرا

و قد طلقتْ بناتُ الصبرِ منى … كأني لم أكن للصبر صهرا

فكنتَ أخي هوى ً وأبي حنوا … و نفسي نصرة ً وبنيَّ برا

حملتَ حمالة َ الأيامِ عني … قلوصا فكني منها وكرا

مغارمُ أشكلتْ أقضيتَ حقَّ ال … مودة ِ أم قضيتَ بهنَّ نذرا

أشرتُ إلى يديك فصبتَ عفواً … و قد أتعبت أيدي المزن غفرا

و لما ثلمتْ منى ّ الليالي … أريتك خلة ً فسددتَ عشرا

مكارمُ لم تسابقْ في مداها … و قد حرصتْ عليها الريحُ حصرا

و أخلاقٌ صفت من كلَّ غشًّ … سكرتُ بها وما عوطيت خمرا

ملكتَ حسابها إرثا حلالا … فصرنَ لديك حقاً مستقرا

أباً فأباً من الأعلام فيها … نعدهمُ إليك هلمَّ جرا

لعمرُ الحاسديك وهل يبقى … لهم حسدُ الكمالِ عليك عمرا

لقد ليموا بما نقموا وإني … لأوسعهم بما حسدوك عذرا

أقلني العجزَ إن قصرتُ وصفا … لما أوليتَ أو قصرتُ شكرا

فإنَّ عليّ جهدَ الفكرِ قولا … و ليس عليَّ عند الغيثِ قطرا

على أنّ القوافي الغرَّ عني … كوافلُ بالذي أرضى وسرا

تروح عليك أو تغدو التهاني … بهنّ حوافلَ الأخلافِ غزرا

إذا مطرتْ ترى الأحسابَ بيضا … بما يثنينَ والأعراضَ خضرا

كأن لطيمة ً منها أنيختْ … ببابك فارتدعْ ما شئتَ عطرا

تعدّ الدهرَ نيروزا وعيدا … و صوما راجعا أبدا وفطرا

فتصحبه بأنفذَ منه أمرا … على الدنيا وأطولَ فيه عمرا