لسَانُ دمعي بفرط الحبِّ قد نطقا – ابن شيخان السالمي
لسَانُ دمعي بفرط الحبِّ قد نطقا … فكلما قال قولاً في الهوى صدقا
والدمع كالبارق السَّاري تكُفكفه … ريح الصَّبا فإذا مرَّت به اندفقا
هذا يُساقط دُرّاً في الفضاء وذا … يرمي العقيق وكلٌّ يملأُ الأفقا
والقلبُ كالبرق قد أورى الغرامُ بهِ … ناراً وكلٌّ لأكناف الحمى خفقا
رقى بي الحب حداً والغرام رقى … ودمع عيني حاشا أن يكون رقا
ما أخطأ البعد عيني بالسهاد فها … أنا المصُاب هوى أبغي قليل رُقَى
ونخلةٌ عكف الحسنُ البديع بهَا … والقلبُ طار عليها إذ زهت ورقا
كالبدر في جنح ليل قد أنار على … غصن رطيب تثنى في كثيب نقا
قد أشربت صفوة الدنيا جوارحه … وسيط فيها نهىً عشاقه علقا
كلاهما رقَّ أوصافاً وأفئدةً … لكن إذا رمقا لم يتركا رمقا
قالت وقال وقاك الله من دنف … أفديك بالنفس يا من قال فيَّ وقا
كيف احتيالي وبالجرداء لي رشأ … إذا دنت منه آساد الشرى رشقا
قد أشرقت وجنتاه جذوةً وكذا … ريَّا سواريه من ماء الصِّبا شرِقا
والخال فاز ولكن وسط نارهما … لولا فيوضات ماء الحُسن لاحترقا
بي منه وَقْدُ غرامٍ كلما افترقت … نارُ الصَّبابة من أهل الهوى ألِقَا
حاولتُ منهُ برَوْضٍ خلسةً فعدا … وخلفَه الدمع كلٌّ عادَ منطلقا
أفدي الذين تناءت دارهم فكسوا … طرفي وقلبي ذا سُهداً وذا حرقا
فبعدهم باب جفني صار منفتحا … وبعدهم صار باب الأنْسِ منغلقا
يا برَّد الله قلباً تحت ظلهمُ … متى غدا بيته بالبعد محترقا
يا دهر أين ليالينا التي نظمت … فيها محاسنك الأحباب والرُفَقا
لا زلت منك أرجّي أن تصوغ لنا … ما اختل من دُرّها يوماً فما اتفقا
عسى الزمان الذي بالبعد غيرنا … أن يجمع الشمل يوماً بعدما افترقا
كما تجمع شمل الدين بالملك السلطان … فالتف بالاحسَان واتفقا
هو الهمام مليك العصر ملجؤُنا … محمد من بنشر الفضل قد سبقا
أسدى الملوك يداً أقصاهم أمداً … أفضاهم سدداً أذكاهُم خلقا
مؤيد العزم لو أبدى عصاهُ على … هام الخِضّمّ بإذن الله لانفلقا
مبارك السعي لو أقصى لهُ أمداً … كيوانَ هيَّا إلى أدراكه عَنَقا
رحْبُ الفنا والثنا كلٌّ يصوغ لهُ … حَلْيَ المدائح إن تبراً وإن وَرِقا
إن المناظر و الأقلام ألسنة … و البيض و الصمع كل باسمه نطقا
ذو نعمة شرعت رشد الورى فرقا … ونقمة صرعت أسد الشرى فرقا
إذا سطا تختشي من سيفه حرقا … وإن عطا تختشي من سيبه غرقا
نما بطلعته الاسلام وانقشعت … سحابة الكفر كم أحيا وكم مَحَقا
قامت سياسته تجري فتخدم با … طلا ولا عجب ان باطل زهقا
السِّلكَ مَدَّ فإن ينطق لنازلة … أوحى إليه لسان البرق مستبقا
سدَّ الثغور حمى الاسلام جندل ه … امَ الكفر شتت شمل المعتدي شنقا
فالبر والبحر كل داس هامته … بكل سيَّارة كالبرق مخترقا
ذلَّت لهيبته غُلْبُ الملوك فهم … يخشونه فرَقَاً لو جمَعَّوا فِرَقا
واستسلمت دول الدنيا لدولته … وهي التي رستِ الدنيا بها عمقا
والله رب السما والأرض لو خلت … الآفاق من كلمة التوحيد لانطبقا
يا أيهُّا الملك الميمون جانبه … أوضحتَ للملك في تسديده طرقا
هذي هي السَّهلة البيضاء أنتَ لها … محيي ولا غَرْو إن أحييت ما سبقا
الأمر شورى وللآراء مجتمع … وعقلك المحض معيار لها فرقا
فما سلكتَ فنهج العدل متضح … وما تركت فعنه مهرب وتقى
الله أكبر ذا التدبير والقبس التن … وير أصل رعاه ربَّه وسقى
النور ذاك أم الدستور أم وضح المست … ور أم كونه المعمور قد شرقا
ودولة الترك لا زالت مخلدة … ولم يزل دهرها بالفضل منتطقا
ولا يزال لواء النصرِ يَقْدُمها … فإنه لحمى الاسلام قد خفقا
لم تترك الترك شيئاً من ذرى شَرَفٍ … إلا وقد ملأت من نشره الأفقا
فعش مدى الدهر يا سلطانها فلقد … أخمدتَ جوراً وأطلعتَ الهُدى شفقا
هذا سلام محب هزّه طرَب … يهدي إلى البحر من در الثنا طبقا
ضاقت به الحال من دَين أحاط به … وللخلاص ينادي فضلَكَ العَبِقا
والدهرُ دهرُك والأقدار مُسعدةً … والله عونُك فارتع في ظلال بَقا