لئن ضاع مثلي عند مثلك انني – ابن نباتة المصري

لئن ضاع مثلي عند مثلك انني … لعمر المعالي عند أضيع

متى تنجع الشكوى اذا أنا لم أجد … لديك اعتنآءً غير أنك تسمع

و ما كان صعباً لو مننت بلفظة … ترد بها عني الخطوب وتردع

و قلت امرؤ للشكر والأجر قابلٌ … و للبرّ فيه والصنيعة موضع

و مغترب عن قومه ودياره … أساعده والله يعطي ويمنع

سأصبر حتى تنتهي مدة الجفا … و ما الصبر الا بعض ما أتجرع

عسى ظلمة الحي التي قد تعرضت … سحابة صيفٍ عن قريب تقشع

على أنني راضٍ بما أنا صانع … وصول الولا لو أنني أتقطع

حبست لضيق الرزق حبس حمامة … فها أنا فيكم بالمدائح أسجع

و أصبح فكري كالعبير سواده … إذا نفحته جذوة ٌ يتضوع

شاب فود الصب حزناً مثل ما … همَّ بالهجر حبيب ودعه

يالشيب عم وجهاً فبكى … كيف لا يبكي لشيب قنعه

يا لقلبٍ مودع سر الأسى … ودّع الصبّ وماذا أودعه

يا عليَّا لست أنسى بره … و هو لا ينسى مديحاً يسمعه

سيدي كن غوثَ ألفاظي فقد … أصبحوا من شامهم في مضيعه

حسرتي مع اذ ومع ذا فأنا … معهمُ مع بعدهم في معمه

غير أني قائل قولَ فتى … كضّه صدّ فأبدى جزعه

لا تهني بعد ما أكرمتني … فشديدٌ عادة ٌ منتزعه

و ابق ذا الفضلين فضلاً حازه … وارث العليا وفضلاً جمعه

واهنَ بالعيد وألفٍ مثله … في سناءٍ أو هناءٍ أودعه

قل لوزير الملك يا من له … عزائم مثل الظُّبا تقطع

يا زارعاً مني النبات الذي … يعجب بالأمداح مع يزرع

هنئتها ياسيدي خلعة ً … قلوب أعداك بها تخلع

بيضاء كم ظرف عدى ً بيضت … حتى تمنى أنه يقلع

من فوق خضراء سقى روضها … غيثُ أياديك التي تهمع

قالت وقد راق لها منظرٌ … كالبدرِ من أزرارها يطلع

زد كل يوم في العلى رفعة ً … و ليصنع الحاسد ما يصنع

عش لعفاة ٍ طوقوا بالندى … فالكلّ في دوح الثا يسجع

الدهر نحوي كما ينبغي … يدري الذي يخفض أو يرفع

حلفت لها بالعاديات دموعي … و بالموريات النار وهي ضلوعي

لئن كان من قد لامني غير مبصر … محاسنها إني لغيرُ سميع

محجبة ٌ تفتر عن مبسمٍ كما … ينظم في أزكى الأنام بديعي

فريد العلى والعلم والحلم والتقى … فيا لفريدٍ حائزٍ لجميع

يضوع قريضي في الورى بامتداحه … و ما جوده لي في الورى بمضيع

أصوغ بسيطاً في الثنا وكاملاً … على وافرٍ من جوده وسريع

و لا عيبَ في احسانه غير أنني … شرهت فمالي وصف قنوع

بشهر ربيعٍ قد أتيت مهنئاً … و كل زماني منه شهر ربيع

فلا زال من خدام مدحي لفضله … صوابي ونجحي مقبلا وشفيعي

كتم الحب جهده فأزاعه … مدمع زاد قسمه فأشاعه

ليس لي من ذوي الملاحة الا الد … مع قامت به عليّ الشناعة

أمرتني الاشجان أمر الندى لاب … ن عليّ فقلت سمعاً وطاعه

دام قاضي القضاة بحر علوم … وندى عمّ سنّة وجماعة

من هبات الوهاب في الخلق تبقى … طول دهر وفي العدى سم ساعه

ليس فيه عيب سوى فرط جود … قد نهانا عن مستحب القناعة

علمتنا نعماه وصف علاه … فلها الفضل بالغنى والبراعة

لله طرف غداة البين قد همعا … وحملته الليالي فوق ما وسعا

بين السهاد وبين الدمع مقتسم … فيكم فما جف من شوق ولاهجعا

يخادع الشوق طرفي عن مدامعه … أن الكريم اذا خادعته انخدعها

ويقتضي الهم تسهادي فيا حرباً … من قاتلين على انسانيَ اجتمعا

سحقاً ليوم النوى ماذا رمى بصري … حتى استهل وماذا بالحشا صنعا

وقائل ماالذي أبكاك قلت له … شخص رمى بالنوى طرفي فقد دمعا

قل للامام محمد … ذي الفضل والكرم المذاع

يا صاحب القصد الجمي … ل يحف بالأمر المطاع

حاشاك أن تنسى له ال … كتاب ذا حال مضاع

في الطرس من فرجيّتي ال … بيضاء أكتب بالرّقاع

ألا رب ذي ظلم كمنت لحربه … فأوقعه المقدار أيّ وقوع

وماكان لي إلا سلاح تهجد … وأدعية لا تتقى بدروع

وهيهات أن ينجو الظلوم وخلفه … سهامُ دعاءٍ من قسيّ ركوع

مريشة بالهدب من جفن ساهر … منصلة أطرافها بدموع

يفوت عياني مشهد من جمالكم … فيجمع طرفي والمدامع جامع

هوى ً مطمعٌ إنسان عيني وإنما … تقطع أعناق الرجال المطامع

بروحيَ من نظمت في خصرها الثنا … فرحت وفي لاشيءَ نظمي ضائع

وأودعتها قلبي وصبريَ والكرى … وحكم الهوى أن لا تردّ الودائع

أيا تاجَ دين الله شكراً لأنعمٍ … أجبت بها راجيبك من قبل ما دعا

وأبقيتها تستنطق الخلق بالثنا … وتشهد بالأجر الملائك أجمعا

وإن قصرت عن بارع الحمد قدرتي … فو الله ما قصرت عن نافع الدعا

لقد قنعت رجواي من قبل ما رأت … شهاب العلى والعلم في الشام يطلع

فلما رأتك الآن اسفر وجهها … وأقسم لا والله لا تتقنع

فما الغيث إلا من بنانك قطرة … وما الغيث من يمينك أصبع

قل لوزير الملك يا من به … تروي بلاد الشام عن نافع

حاشاك أن تروي البنات الذي … كم ارتوى من غيثك الهامع

وحقّ إنعامك يا مالكي … مالي سوى عطفك من شافع

هنئت بالأعوام تلبس بردها … متجددا ويماط عنك خليع

في نعمة ٍ جزمت بأنك خافضٌ … قدرَ الحسود وقدرك المرفوع

قد أعجبت فيها الشهور وأعشبت … للقاصدين فكلهن ربيع

ناعورة ٌ نشأت على عهد الأسى … مثلي فما تنفك ذات توجع

كانت قضيباً قبل ذلك يانعاً … في أيكة نبتت بإثرة موضع

ناح الحمام بها وأبكاني الأسى … فتعلمت نوح الحمام وأدمعي

وناعورة كانت قضيباً فأصبحت … الى القضيب شوقاً كالحمامة تسجع

شكوت لها ضرّ الغرام وحالها … كحالي بكاءً أو حنيناً يرجع

ولا بدّ من شكوى الى ذي مروءة … يواسيك أو يسليك أو يتوجع

أمين العلى والعلم هنئت حجة ً … وعوداً لديه الأجر والذكر أجمع

وقصداً سعيداً لم تضع فيه ثروة … و ما ضاع إلا نشرها المتضوع

تمتع مولانا بعمرة حجة ٍ … وها نحن في نعمائه نتمتع

في كل يومٍ خلعة بدرية … طلعت بها الآمال أشرف مطلع

قالت للابسها سعادة نطقه … قل يا محمد في الممالك أودع

الفضل إرثك والمهابة والنهى … فافخر وأوقع بالعداة ووقع

يا تاج دين الله كم نعمة ٍ … لنعمة ٍ بين الورى تتبع

عش لعفاة طوقوا بالندى … فالكل في دوح الثنا يسجع

عيشك والقدر كما ترتضي … يخفض هذاك وذا يرفع

هنئت بالعيد السعيد وحبذا … لبقاء شملك بالهنا مجموع

في رفعة وسعادة ما برّها … في الخلق مقطوع ولا ممنوع

ولحالنا المكسور يدعو برك ال … منصوب يا من قدره المرفوع

قاضي قضاة الدين دم في عليّ … لا تلحن الأيام في رفعها

وانظر بنعماك الى حال ذي … ضرورة يعجز عن دفعها

قد أدبر الصوم ولي مقلة … ما نظرت قط سوى دمعها

عش مهناً بألف عام وعيدٍ … بين جزم من الأمور ورفع

يا اماماً ان هان قدري فلي من … خمس بمناك عائدات بنفع

حبذا عشرنا ويا حبذا الخم … س ولو أنها بنفع وصفع

تتوارد المداح في أوصافكم … يا آل فضل الله نظماً مبدعاً

مسكية الأقلام في أطراسها … بين القصائد سجداً أو ركعا

ان قصرت في مدحة ٍ مع بذلها … جهداً فلا والله ما قصرَ الدعا

أيا ملكاً فاق الكرام وفاتهم … أما آن تحظى لديك ذرائعي

أيحسن بعدي عن بلادك بعد ما … عرفت بقول في صفاتك بارع

وما أسفي أنّ الثواء يفوتني … ولكن لقدر عند غيرك ضائع

أيا ملك الشجاعة والمعالي … ونشر العلم والحسب الرفيع

قدومك هذه الأيام فيه … جناس مذكر كتب البديع

كريمٌ ثم فضلٌ ثم شهرٌ … ربيع في ربيع في ربيع

يا من تبينت السيادة أنه … في الناس ملء عيونها وسماعها

ما بالوسائل فضل رأيك يقتضي … ان الشموس منيرة بطباعها

قدمت أميرا في بني الدهر آمراً … على الدهر يصغي سامعاً ويطيع

ولا عجب للشهر وافق مقدماً … فكل زمان في حماك ربيع

وعيشك لولا سقم جسمي والبكى … لما كان سري في هواك بذائع

لئن لم يسر في بحر شعري فقد سرى … بأشعار سقمي في بحور مدامعي

يا ناصب القد عالي الحسن مرتفع … فالحب ما بين منصوب ومرفوع

جوارحي وكتابي قد نهبتهما … ففي يديك على الحالين مجموعي

سلت مهجة قد كان صدعها الاسى … فلا آخذ الله الاسى بصدوعها

وعيناً على حالي بعاد وجفوة … عفا الله عما جرى من دموعها

وقائلة لي بعد ما شاب مفرقي … وفكري في تيه الشبيبة يرتع

أترجع عن لهو الصبا بملامة … فقلت ولا والله بالشيب أرجع

وناعورة قسمت حسنها … على ناظر وعلى سامع

وقد ضاع نشر الربى فاغتدت … تدور وتبكي على الضائع

أحسن بها ناعورة في روضة … عن جعفر يروي الهناء ربيعها

هذا وليس يعد موج دموعها … وتعد من فرط السقام ضلوعها

نعتوك حقاً بالامام لما حوت … علياك من نسك وعلم بارع

وأعنت أرباب المقاصد شافعاً … لهم فأهلا بالامام الشافع ي

وزير التقى هل أنت في العشر عاطف … على فاقتي بين الورى وخضوعي

وماالعشر الا العسر في كل حالة … ولكنني نقطته بدموعي

ياسائلي عن حظ خطي وقد … أهملت في كتاب هذي البقاع

معلومي الثلث ويا ليته … ورسميَ النسخ وثوبي الرقاع

قد أفقرتني غيداء واصلة … فدمع عينيّ غير مقطوع

وكنت أبكي من الغرام بها … فصرت أبكي منها من الجوع

يا إمام التقى مضى ربع عامٍ … من وصولي ولم يصل ليَ ربع

سنة إن غفلت عني فيها … كسرتني وكيف لا وهيَ سبع

يا مديدَ النوال دعوة راجٍ … حثه جودك البسيطُ السريع

لا نبالي ان قيل شهر جمادى … كل شهر براحتيك ربيع

صحاب قصدنا عن لقاهم منافعاً … فلم نر شيئاً من وجوه المنافع

رجا شافع نسج المودة بيننا … ولا خير في ودّ يكون بشافع

اصبروا للرقاع أكتب فيها … كلّ يومٍ حوائجي وصداعي

واحسبوا أنها كما حكم الده … ر عراة تسمى بذات الرقاع

سيدي ان الذي أوصل لي … فقده من ظنه أن يمنعا

سلم المعلوم شهراً واحداً … ثمّ ما سلم حتى ودّعا

يا جاعل الجامع المعمور منتظراً … محاسناً منه في الأوصاف مبتدعه

تركت للشوق حرًّا في جوانحنا … فلا خلا منك لا صفّ ولا جمعه

صف مكرمات وزير مصر عزيزها … فالفخر ثم الفخر حيث يشاع

فاذا حسبت فعنده القلم الذي … شهد الحساب بأنه نفّاع

أكرم بأوقات لنا شمسية … ما ضرّ وفق زمانها تربيع

عدلت وعدّلت الزمان فكلها … في المكرمات وفي الشهور ربيع

بروحي مهاة تفضل الشمس مطلعاً … وتسكن أحشاء الأديب المروع

وقد صرعت قلبي وشقته فاعجبوا … لبيت لها في الحالتين مصرّع

ما انقطع المملوك عن ترداده … وأنت تدري أن ذاك ممتنع

فالحمد لله على علمك يا … مولاي إني بشرٌ لا ينقطع

ترى هل يبلغ المخدوم أني … لدى الكتاب في حالٍ مضاع

أرجي درهم المعلوم ثلثاً … واكتب في ثيابي بالرقاع

اشكو لفضلك حرفة … مالي بها مستمتع

أحوال معلومي تسو … ء وصاحب لا ينفع

جوابٌ أتاني في ساعة … يدلّ على نفث أصل اليراعة

ومن عجب الدهر أني به … تلذذت مع أنه سمّ ساعه

بكيت على لقيا أناسٍ وددتهم … وان كان لاضري يعدّ ولا نفعي

وان قيل دون القلتين مكانه … فما فيّ دون القلتين ولا دمعي

ياشيخ علم وشيخ علم … فمن عيانٍ ومن سماع

رفعت قدري عطاً ولفظاً … يا سيدي أحمد الرفاعي

نوالك السعدي يا سيدي … أرجو على عاداته مربعه

لي أشهر أربعة أخرت … فحظي المشؤوم بالأربعة

أفدي صديقاً كنت وهو بغيظه … متطارحين من الكلام بديعه

مازالت الحساد تسعى بيننا … حتى تناكرنا الكلام جميعه

أفدي سطورا من كتابك أقبلت … بعد الجفاء وآذنت برجوع

قبلتها فاحمر نقش حروفها … فكأنني رملتها بدموعي

ولما رنت ليَ ألحاظه … رفعت بتكبيري الصوت رفعا

فيالك في الحسن من أغيد … تبدى غزالاً فكبرت سبعا

بعثت به واثقاً أن لي … شفاعة ذي أمل نافع

ولا شيء أحسن من مالك … تجود يداه على شافع

جبين سلطاننا المرجى … مبارك المطلع البديع

يا بهجة الدهر ان تبدى … هلال شعبان في ربيع

تأخرت عنكم يا بنيَّ ويا أبي … وما أنا إلا البعض ماضٍ جميعه

وعود نباتي متى يرتجي بقا … وقد مات منه أصله وفروعه

ألاَ ياربّ خلّ أرتجيه … كما يرجى من الوثن انتفاع

رميت بوده وصدفت عنه … فلا ودّ لديّ ولا سواع

لهفي لشعرٍ بارعٍ نظمته … تحتاج بهجته لرفدٍ بارع

درٌ يتيمٌ قد تضوع نشره … يا من يرق على اليتيم الضائع

أبثك يا أخا العلياء أني … سئمت من الليالي كم تروع

أما ينفك قدري في نزول … ببلدتكم وفي جسمي طلوع