كيف نخاف الفقر يا طيب بعدما – الفرزدق

كَيْفَ نَخافُ الفَقْرَ يا طَيْبَ بَعدما … أتَتْنَا بِنَصْرٍ مِنْ هَرَاةَ مَقَادِرُهْ

وَإنْ يَأتِنا نَصْرٌ مِنَ التُّرْكِ سالِماً … فَمَا بَعْدَ نَصْرٍ غائِبٌ أنا نَاظِرُهْ

تَنَظّرْتُ نَصْراً وَالسِّماكَينِ أيْهُما … عليّ مِنَ الغَيثِ اتَهَلّتْ مَواطرُهْ

مَضَى كمُضِيّ السّيفِ من كَفّ حازِمٍ … على الأمرِ إذْ ضَاقَتْ علينا مصَادرُهْ

إذا مَا أبَى نَصْرٌ أبَتْ خِنْدِفٌ لَهُ … وَقد عَزّ مَن نَصرٌ، إذا خافَ، ناصِرُهْ

إذا ما ابنُ سَيّارِ دَعَا خِنْدِفَ الّتي … لهَا مِنْ أعَزّ المَشْرِقَيْنِ قَساورهْ

أتَتْهُ على الجُرْدِ الهَذَالِيلِ، فَوْقَها … دُرُوعُ سُلَيْمَانٍ لهَا، وَمَغافِرهْ

أرَى النّاسَ مِنّا رَبُّهُمْ حينَ تَلتَقي … إلى زَمْزَمٍ رُكْبَانُ نَجْدٍ وَغائِرُهْ

لَنا كلُّ بِطْرِيقٍ إذا قامَ لمْ يَقُمْ … مِنَ النّاسِ، إلاّ قَائِمٌ هُوَ آمِرُهْ

هُوَ المَالِكُ المَهْدِيُّ وَالسّابِقُ الذي … لَهُ أوّلُ المَجْدِ التّلِيدِ وَآخِرُهْ

تَنظّرْتُ نَصراً أنْ يجيء، وَإنْ يجيءْ … فإني كَمَنْ قَد مَرّ بالسَّعْدِ طائرُهْ

رَجَوْتُ نَدى نَصرِ، وَدُونَ يمينهِ … فُراتانِ ، والطافي بِبلحٍ قراقرهْ

فأصبحت أعطى النّاس للخيرِ والقرى … عَليهِ لأضيافٍ ، وجَارٍ يجاورهْ

ألَمْ تَرَ مَنْ يَختارُ نصراً جَرَتْ لهُ … بَسَعْدِ السُّعودِ الخيرِ بالخير طائرُهْ

لَهُ رَاحَتَا كَفّينِ في رَاحَتَتهِمَا … مِنَ البَحرِ فَيضٌ لا يُنَهَنهُ زَاخرُهْ

لَهُ راحَتَا كَفَّيْنِ في راحَتَيْهِمَا … مِنَ البَصْرِ فَيْضٌ لاَ يُنَهْنَهُ زاخِرُهْ

ألمْ ترَ نَصراً يَضمَنُ الطّعنَ وَالقِرَى … إذا الرّيحُ هبّت أوْ زَوى السَّرْحَ ذاعرُهْ

وَلَوْ أنّ مَجْداً في السّمَاءِ وَعِنْدَها … تَنَاوَلهُ نَصْرٌ إلَيْهِ يُسَاوِرُهْ