أبوك وعمي يا معاوي أورثا – الفرزدق

أبُوكَ وَعَمّي يا مُعاوِيَ أوْرَثَا … تُرَاثاً فَأوْلى بِالتُّرَاثِ أقَارِبُهْ

فَمَا بَالُ ميرَاثِ الحُتاتِ أكَلْتَهُ، … وَميرَاثُ حرب جامِدٌ لَكَ ذائِبُهْ

فَلَوْ كانَ هذا الحُكْمُ في جاهِلِيّةٍ … عَرفْتَ مَنْ المَوْلى القَليلُ حَلائبُهْ

وَلَوْ كانَ هذا الأمرُ في غير مُلكِكُمْ … لأدّيْتَهُ أو غَصّ بِالمَاءِ شَارِبُهْ

وَلَوْ كانَ إذْ كُنّا وَللكَفّ بَسطَةٌ، … لصَمّم عَضْبٌ فيكَ ماضٍ مضَارِبُهْ

وَقَدْ رُمْتَ أمْراً يا مُعاويَ دُونَهُ … خَياطِفُ عِلْوَدٍّ صِعابٌ مَرَاتِبُهْ

وَما كنتُ أُعطي النِّصْفَ من غيرِ قُدرَة … سِواكَ وَلَوْ مَالَتْ عَلَيّ كَتايِبُهْ

ألَسْتُ أعَزَّ النّاسِ قَوْماً وَأُسْرَةً، … وَأمْنَعَهُمْ جَاراً إذا ضِيمَ جانِبُهْ

وَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ النّبيّ وَأهْلِهِ … كَمِثْلي حَصَانٌ في الرّجَالِ يُقارِبُهْ

أبي غالِبٌ وَالمَرْءُ صَعْصَعَةُ الّذِي … إلى دارِمٍ يَنْمي فَمَنْ ذا يُنَاسِبُهْ

أنا ابنُ الجِبالِ الشُّمّ في عددِ الحصَى، … وَعِرْقُ الثّرَى عِرْقي، فمن ذا يحاسبُهْ

وبَيْتي إلى جَنْبٍ رَحِيبٍ فِنَاؤهُ، … وَمِنْ دونِهِ البدْرُ المُضِيءُ كَواكِبُهْ

وَكَمْ مِنْ أبٍ لي يا مُعاوِيَ لمْ يَزَلْ … أغَرَّ يُبَارِي الرّيحَ ما أزْوَرّ جانِبُهْ

نَمَتْهُ فُرُوعُ المَالِكَينِ، ولَمْ يَكُنْ … أبوكَ الذي من عبد شمسٍ يُخاطِبُهْ

تَرَاهُ كَنَصْلِ السّيفِ يَهتَزّ للنّدى … جَوَاداً تَلاقَى المَجدَ مُذْ طرّ شارِبُهْ

طَوِيلِ نجادِ السّيفِ مُذْ كانَ لم يكنْ … قُصَيٌّ وَعبدُ الشمسِ ممّنْ يُخاطبُهْ