قف يا قطار – إيليا أبو ماضي
منذ افترقنا لم أذق وسنا … للّه ما صنع الفراق بنا
قل للخليّين الهناء لكم … ألحبّ قد خلق العذاب لنا
لم أنس قولتها التي ملأت … نفسي أسى وجوانحي شجنا
ماذا جنينا كي تفارقنا … أمللتنا وسئمت صحبتنا
فأجبتها بلسان معتذر … لم تجني أنت ولا مللت أنا
لكن رأيت الماء منطلقا … ريا، فإن هو لم يسر أجنا
والسيف إن طال الثواء به … يصدأ ويصيح حدّه خشنا
والسحب إن وقفت وما هطلت … لم ترو أودية ولا قتنا
إنّ الحياة مع الجمود قذى … ومع الحواك بشاشة وهنا
لا تعذليني فالقرى أربي … حيث الحياة رغائب ومنى
حيث النجوم تلوح سافرة … لم تلتحف سترا ولا كفنا
والفجر ملء جيوبه أرج … والطير يملأ شدوها الوكنا
وعلى الرّبى الأظلال راقصة … ويد النسيم تداعب الغصنا
وبح المدائن إنّ ساكنها … كالميت لم يطمر ولا دفنا
كم رحت أستسقي سحائبها … فهمت ولكن محنة وضنى
ولكم سهرت فلم أجد قمرا … ولكم شدوت فلم أجد أذنا
لو كان يألف بلبل غرد … قفصا ، أحبّ الشاعر المدنا
كره الورى طول المقام بها … فاستنبطوا العجلات والسفنا
ولقد ظفرت بمركب لجب … فخرجت أطوي السهل والحزنا
والشوق يدفعه ويدفعني … حتى بلغت المنزل الحسنا
قف، يا قطار ، على ربوعهم … إنّ الأحبة، يا قطار… هنا
هذي منازلهم تهشّ لنا … أخطأت … بل هذي منازلنا
ما حلّ منهم موضعا أحد … إلا وصار لكلّنا وطنا
((سورية)) في ((كانتن)) نغم … عذب ،(( ولبنان)) شذى وسنا
وإذا الحياة طوت محاسنها … عني ، وصار نعيمها محنا
مثّلتهم في خاطري ، فإذا … دنياي فيها للسرور دنى
يا قوم هذا اليوم يومكمو … من ينتهزه ينل رضى وثنا
فلتنبسط أيديكمو كرما … ألسحب أنفعها الذي هتنا
أنا لاأرى مثل البخيل فتى … يضوى ويهزل كلما سمن
من لا يشيد بماله أثرا … أو يستفيد بماله مننا
ويعيش مثل العنكبوت يعش … في الناس مذموما وممتهنا
فابنوا وشيدوا تكرموا رجلا … كم قد سعى من أجلكم وبنى
وطن وأهل لا ئذون بكم … أفتخذلون الأهل والوطنا؟
((قطنا)) بنوك اليوم قد نهضوا … فتمجدي بينك يا ((قطنا))
كلمات: منصور الشادي
ألحان: ناصر الصالح