قف بأجداث الضحايا – محمد مهدي الجواهري
حضَنَ ” التاجُ ” بنيه فتعالَى … وتعالى ” حارسُ التاج ” جَلالا
وتعالت أُمةٌ لم تنحرفْ … عن مدى الحقِّ ولا زاغَت ضَلالا
أُمةٌ تكرهُ من مستعمِرٍ … فَرْضَه النصرَ وتأبى الانخِذالا
اوطأت أقدامَها ” عارمَة ” … حسَكَ الجور ، وشاءَته انتِعالا
وتخطَّت جمرَة الغيضِ إلى … ” وقدةِ ” المَوتِ فزادتها اشتِعالا
ومشَت ” للهُلْك ” تدري أنّه … يسألُ الرّوح عن الدنيا زَوالا
عرفَت أنَّ الذينَ استفرَشوا … حُلَلَ الديباجِ غَنْجاً ودَلالا
نَعمت أظفارُهُمْ من ” رقةٍ ” … فهي لا تَقوَى عن اللحم انفِصالا
ثم شاءوا المجدَ فيما يُقتَنَى … حِلْيةً تُضفي على البيتِ جَمالا
كتَبَ الدهرُ على أبوابِهمْ … هَهنا يرقُد من عافوا النِضالا
ههنا يرقُدُ من ظَلّوا على … هامِشِ ” التاريخ ” كَلاًّ وعِيالا
والذين استنزَفوا طاقاتِهم … في المشقّات هُم كانوا الرجالا
حضَنَ التاجُ بنيهِ حضنْةَ الليث … لا يبغي عن ” الشِبل ” انفِصالا
وتحدَّى من تحدَّى معلناً … أنه يَقبل في الحق النِزالا
وانبرَتْ كفٌّ هي البُرْهُ مشَى … فشفَى من ” مُزمن ” داءً عُضالا
تمسَحُ الدمعةَ سالتْ حرّةً … فوق جُرحٍ فاحَ بالعِطر وسالا
ورَمى نَسْرُ قُرَيشٍ فوقَهم … من جَناحَيه الحبيبَيْن ظِلالا
يَسْتجِمُّ المجدُ في أفيائها … مُتعَباً لاقى من الجَهد كَلالا
يا حُماةَ الطُهرِ في مُعترَكٍ … زَحَمَ الطُهْرَ به الرجسُ فمالا
كرفيفِ الزَّهر في رَيْعانه … لم تُدنِّسْه يدُ الجاني ابتذالا
نَسَلوا من كل حَدْب ، نسوةً … ورجالا ، وَجنوباً ، وشَمالا
يا شباباً صَبَغوا الأرضَ دماً … كان في ” وجنة ” سِفر المجدِ خالا
مَنَحَ الباغي هواناً وصغى … وحَبَا الأمّةَ زهوا واختِيالا
أكثِروا من دَمكمْ تَستَكثِروا … من فمِ التاريخ مجداً وابتهالا
فهو ظَمآنُ إلى أمثالِهِ … لا دماءٌ خَثَرت فهي كُسالى
واكتُبوها صفحةً إن ذُكِرت … كنتُمُ الأمثال فيها والمِثالا
ليلةٌ ألقَتْ اليكم ثِقْلَها … وليالٍ سَوف تأتيكم ” حَبالى ”
واختِموا عهد َ ” زعامات ” عَفَتْ … كاذباتٍ لفَقوهُنَّ انتحالا
جامعاتٍ – كلَّ ما لا يلتَقي … من نَقيضَيْن – شَناراً واحتِفالا
من حُطام لُمَّ من كلِّ خَنا … وادعاءٍ صارخٍ قيلاً وقالا
وَمُدِلّين بأن قد قَرَنوا … بالخَنا جاهاً وبـ ” الحُظِوةِ ” مالا
قِف بأحداث الضّحايا لا تُسِلْ … فوقها دَمعاً ولا تَبكِ ارتجالا
لا تُذِلْ عهدَ ” الرجولات ” التي … تكرهُ الضَعْفَ . وتأبى الانحِلالا
وتَلقَّفْ من ثَراها شَمّةَ … تملأُ المنخِرَ عِزا وجلالا
وَضَعِ ” الإِكليل ” زَهْراً يانعاً … فوقَ زهرٍ من ضمير يَتلالا
ثم خَفِّضْ من جَناحيك بها … ثم أبلغْها إذا شِئتَ ” مقالاً ”
أيُّّها الثاوونَ في جَولاتكم … طِبْتُمُ مَثوى ً وعُطّرتُمْ مجالا
كلُّنا نحسُدُكم أن نِلْتُمُ … شَرَفَ الفُرصةِ – من قبلُ – اهتبالا
كلُّنا نمشي على آثارِكمْ … بالضَحيّات خفافاً وثِقالا
كلُّلنا ممتَثِلٌ من وَحيكم … ما يُريد الوَطنُ الحُرُّ امتِثالا
فإذا شِئْتُم مَشَيْناها ونىً … وإذا شئتم مشيناها عِجالا
وإذا شِئتُم صَبغْناها دماً … صبغةً تُؤْذِنُ بالحال ” انتقالا “
يا حفيظَ العهدِ للوادي ويا … أمَلَ الوادي فُتُوّاً واقتبالا
وصليبَ العُود يَأبَى غمزةً … ورفيعَ الرأس يأبَى أنْ يُطالا
هُرِعَ الشعب إلى مُنقذِه … مُلقِياً في الساحة الكبرى الرّجالا
كَذَبَ المُلقون في رُوعِكُمُ … أنَّه يطلُبُ أمراً لن يُنالا
قل لأولاءِ الذين استأثَروا … بالملذّاتِ وبالحكمِ احتيالا
والذين اختَلقُوا أنّهُمُ … وحدَهُمْ مدُّوا إلى العرشِ حبالا
كم وكم ثاوٍ بجُحْرٍ مُظلمٍ … وحريبٍ يأكلُ الماءُ الزلالا
كان أصفى نيةً في حُبّكم … من مُدِلّينَ نِفاقاً وافتِعالا
والذين افتَخروا أنَّهم … يَلبَسون ” الشعب ” ما شاؤا نِعالا
والذين استَنْفَروا من حولهم … زُمراً عبَّأها الشرُّ رِعالا
ليسُدَّ ” السوطُ ” مَجْرَى فكرةِ … وتُعيقَ ” النارُ ” قَولاً أنْ يُقالا
قلْ لهم : لَسْتُم رفاقي فانفِروا … إنَّ هذا الشعبَ لا يَبغِى مُحالا
إنه يَشجُبُ من حُكّامه … خُطةَ العَسف ويأبى الاغتِلالا
ويريدُ العَدْل في أحكامه … والمساواةَ وان عزَّتْ مَنالا
لا ” يُقالُ ” الشعبُ لكنْ طغمةٌ … تسترقُّ الشَعبَ أولى أن تُقالا