في القطار – إيليا أبو ماضي

سرى يطوي بنا الأميال طيّا … كما تطوي السّجلّ أو الإزارا

فلم ندر وجنح اللّيل داج … أبرقا ما ركبنا أم قطارا

بنا و به حنين و اشتياق … و لولا ذان ما سرنا و سارا

و لكنّا و سعنا الشّوق ذرعا … و ضاق به فصعّده بخارا

و سمّينا الذي يخفيه وجدا … و سمّينا الذي يخفيه نارا

غفا صحبي و بعضهم تغافى … و لم أذق الكرى إلاّ غرارا

جلست أراقب الجوزاء وحدي … كما قد يرقب السّاري المنارا

يسير بنا القطار و نحن نرجو … لو اختصر الطّريق بنا اختصارا

و أقسم لو أحدّثه بما بي … لحلّق في الفضاء بنا و طارا

إلى البلد الأمين إلى كرام … يراعون المودّة و الجوارا

إلى المزداد ودّهم لدينا … إذا زدنا صفاتهم اختبارا

إذا سترت نحبّتها قلوب … فحبّي لا أطيق له استتارا

فيا إخواننا في كلّ أمر … أصيخوا كي أخاطبكم جهارا

طويناها سباسب شاسعات … تسير الواخدات بها حيارى

و لولا أن تسير بنا إليكم … و كائبنا مشيناها اختيارا

لننقل من ” نويورك ” لكم تحايا … تحاكي في لطافتها العقارا

و ننقل عنكم أخبار صدق … تحاكي النّدّ في الرّوض انتشارا

سمعنا بالهزار و نحن قوم … كما نهوى الغنا نهوى الهزار

لديكم كوكب و بنا ظلام … و أنتم تكرهون لنا العثارا

جعلنا رسمه في كلّ ناد … و صيّرنا القلوب له إطارا

أجل ، هذا الذي نبغيه منكم … و نرجو لا اللّجين و لا النّضار

أتيناكم على ظمأ لأنّا … عرفنا فيكم السّحب الغزارا

و أنتم معشر طابوا نفوسا … و أخلاقا كما كرموا نجارا

بفيتم في سلام و اغتباط … تضيء وجوهكم هذي الدّيارا