في الثورة السورية – محمد مهدي الجواهري

مِثلث الذي بكِ يا دمشق … من الأسى والحزنِ مابي

دمعي يَبين لك الجوى … والدمعُ عنوانُ الكتاب

زاهي الحمى نهبُ الخطوب … ومهجتي نهبُ المصاب

أرأيت مرتبعَ الشِّعاب … بها ومُصطافَ الهضاب

والنبتُ مخضلُّ الثَّرى … والرُّوضُ مخضرُّ الجْنَاب

والحسنُ تبسُطه الطبيعةُ … في السهولِ وفي الروابي

والشمسُ تبدو من خلال … الغيم خَوْداً في نقاب

فاذا انجلى هزَّتك روعةُ … نورها فوق القباب

والروضُ نشوانٌ سقاه الماءُ … كأساً من شراب

بَرَدَى كأنَّ برودَه … رشفاتث معسولِ الرُّضاب

تلك النَّضارةُ كُلُّها … كُسِيتْ جلابيبَ الخراب

ثوري دمشقُ فانَّما … نَيلُ الأماني في الطِّلاب

وخذي الوِفاق فانما … عُقبى الخلاف إلى تَباب

إن ْ تغضَبي لتليدِ مجدٍ … آذنوه باستلاب

ومنيعِ غابٍ طوقوهُ … بالبنادق والحِراب

ومعطاسٍ شُمٍّ أرادوا … عَرْكها بالإغتصاب

فلأنتِ رغم خلوِّ كفّك … من مُعَدّات الضراب

بالعاطفات الحانيات عليك … وافرةُ النصاب

ولأنتِ امنعُ بالنُّفوس … المستميتة مِن عُقاب

فتماسكي أو تُكرَهي … بالرغم منك على انسحاب

فَلَشرُّ ما عمِلَ امرؤ … عملٌ يُهَدَّدُ باقتضاب

سدّي عليهم ألف بابٍ … إن أطاقوا فتحَ باب

إن لم يكن حجرٌ يضرّ بهم … فكُومٌ من تراب

لا نُكرَ في الدنيا ولا … معروفَ إلا في الغلاب

شُبَّان سوريَّا الذين … تناوشوا قِمِمَ السَّحاب

والمبدلين برأيهم … في الليل عن قبس الشهاب

المالكي الأدب الصميم … ووارثي الشرفِ اللُباب

لكمُ العتابُ وإنَّما … عَتْب الشباب على الشّباب

سورّي’ٌ أم الضراغم أصبحت … مرعى الذِّئاب

مثلَ الوديع من الطيور … تعاورتهُ يدُ الكلاب

باتت بليلةِ ذي جروحٍ … مستفيضاتٍ رغاب

وسهِرتُم متضاربي النزعات … مختلفي الثياب

مَن كانَ حابى أن يقول … الحقَّ إني لا أُحابي

لا بُدَّ أن يأتي الزمانُ … على بلادي بانقلاب

ويرى الذين توطَّنوا … أنَّ الغنيمةَ في الاياب

ماذا يقول المالئو الأكراش … من هذي النهاب

إنْ دال تصريفُ الزمان … وآنَ تصفيةث الحساب

جاءوا لنا صُفْرَ العِياب … وقد مضَوا بُجْرَ العياب