فكاكك أيها القلبُ الأسيرُ – مهيار الديلمي
فكاكك أيها القلبُ الأسيرُ … غداً لو قال حادي الركبِ سيروا
عسى الأظعانُ تطلعُ إن أثاروا … هلالاً كان تكفره الخدورُ
و إن أخذوك أنتَ وخلفوني … فسرْ معهم فذاك لهم يسيرُ
تعلقهم عساهم أن يذموا … عليك من الصبابة أو يحيروا
لمن شدنية ٌ سبقتْ عجالاً … فما تدري أتقصدُ أم تجورُ
يخوض الليلَ سائقها أنيسا … بآية ِ لاخَ بين يديه نورُ
و كيف يخاف تيهَ الليلِ ركبٌ … تطلعُ من هوادجه البدورُ
يناجزُ في الوداعِ معاتباتٍ … لهنَّ كبودنا ولنا الزفيرُ
أكنتَ معي بعينٍ أم بقلبٍ … برامة َ والعيونُ إليَّ صورُ
غداة َ أقول وابتهجتْ جباهٌ … عطفنَ عليّ وابتسمت ثغورُ
أما من قبلة ٍ في الله قالوا … متى حلتْ لشاربها الخمورُ
وقاركَ والتفتْ ترهنَّ بيضاً … كبرتَ فقلتُ مسكينُ الكبيرُ
ألاَ يا صاحبيَّ تملياني … أطاعَ إبايَ واعتدلَ النفورُ
أرى كبدي وقد بردتْ قليلا … أمات الهمُّ أم عاش السرورُ
أم الأيامُ خافتني لأنيّ … بفخر الملك منها أستجيرُ
ذراني عاد إملاحي نميراً … و يفعمُ بعد ما نضبَ الغديرُ
طغى أملي وطال قصيرُ باعي … و نيمنى الشيءُ أولهُ حقيرُ
و لا تتعجبا من خصب ربعي … فربعي بعضُ ما جاد الوزيرُ
و لكن بايعاهُ عن لساني … فإنيّ حين أعجزُ أستشيرُ
ظهورك آية ٌ لله صحتْ … بها الأديانُ واشتفت الصدورُ
و زالت شبهة ُ المرتابِ في أن … تكشفَ عن ضمائرها القبورُ
رآك وميتُ الآمال حيٌّ … بجودك والندى الأعمى بصيرُ
فآمنَ بالمسيح وآيتيه … و أنْ نشأتْ من الطين الطيورُ
و أيقنَ أن موسى شقَّ بحرا … بأن شقت بكفيك البحورُ
و لما أن أتيتَ على فتورٍ … و بابُ ضلالة ِ الأمم الفتورُ
و أبصرَ قبلك الماضين مروا … و لما تنتظمْ بهم الأمورُ
صبا لمحمدٍ وأطاع فيه … و قال الرسلُ خيرهم الأخيرُ
أقول بمعجزاتك لا غلوا … و كاتمُ نعمة ِ المعطى كفورُ
إذا الأسماء ألزمتِ المعاني … فأنت الحقُّ والوزراءُ زورُ
رأيناهم وكلهمُ شكولٌ … مصليهم لسابقهم نظيرُ
بكَ انتصر الملوكُ وأنتَ فيما … دعوك لنصره نعمَ النصيرُ
فأنت الليلة ُ القمراءُ بانت … على الأخواتِ واليومُ المطيرُ
حميتَ كبيرهم إذ حمَّ وقتٌ … تحوطُ به وقد كبرَ الكبيرُ
و ماتت دولة ٌ فأقمتَ أخرى … فلا موتٌ عصاك ولا نشورُ
و باشرتَ الخلافة َ فاطمأنتْ … على أمرٍ ومطلبه عسيرُ
و يومَ العهدِ والوافي قليلٌ … أطاعك منبراها والسريرُ
ألينَ عليك معجمها المعاصي … و خفَّ إليك مجلسها الوقورُ
درى الفهريُّ حين أسفَّ قومٌ … و طرتَ بأيّ قادمة ٍ تطيرُ
رآك بهديهِ فجزاك خيرا … و قد يتفرسُ الرجلُ البصيرُ
و أعطاك التي نرتْ قديما … و إن هي أغليتْ فيها المهورُ
و أفرشك الكرامة َ لم يدسها … جبانٌ في الملوك ولا جسورُ
مقالا في اصطفائك واعتقادا … يحيلُ على اللسان به الضميرُ
و قلدَّ سيفه بيديه سيفا … طويلُ نجادهِ عنه قصيرُ
حساما كان للمنصور حصنا … و لم يك للمدينة بعدُ سورُ
و صاحبَ بعده الخلفاءُ تربا … رفيقا حين يجلسُ أو يثورُ
تذلُّ له المنابرُ يرتقيها … و تألفهُ المناكبُ والجحورُ
و ما كفؤٌ له لولاك كفؤا … و لكنّ الذكورَ لها الذكورُ
أميرُ المؤمنينَ يقول خذهُ … فإنك في تقلده الأميرُ
و لو عقلتْ عقيلٌ شاورتني … فكنتُ برأي ناصحها أشيرُ
فررتِ مكانَ لم تجدي ثباتا … و يقتلُ ذكرهُ البطلُ الفرورُ
إذنْ فتزحزحى عن دارِ ملكٍ … لغيرك ضرعها ولكِ الدرورُ
أغركِ بالجزيرة ِ ما أغرنا . … نظارِ فقربَ ما ارتجع المغيرُ
فلا تتوهمي بالشرَّ لينا … فقد يتألقُ النصلُ الطريرُ
تخطتها وإن وسعتكَ مرعى ً … فكم دارٍ تبيرُ كما تميرُ
و يقطعُ عضوه المرءُ اضطرارا … و إن ألقتْ منابتها الشعورُ
سمعتَ بشائرَ الظفرِ استمعْ لي … أعدْ خبرا وأنت به خبيرُ
أنا المولى صنعتَ إليه نعمى … أخي فيها حسودٌ أو غيورُ
جذبتَ من القنوع بها ذراعي … فطارت دون أخمصيَ النسورُ
نفائسُ لم ينلهنَّ اقتراحُ ال … منى َ فيما تسدى أو تنيرُ
بردتَ على الزمان بها فؤادي … و كان عليه مرجلهُ يفورُ
و ها هي نالت الأيامُ منها … فجددْ أخلقَ الظلَ الدثورُ
يزور المهرجانُ برسم قومٍ … و لي رسمٌ يوق ولا يزورُ
و قوم يكرمون على الأسامي … فترخى الحجبُ عنهم والستورُ
يقول الشعرُ إن حضروا وغبنا … فدى الغياب ما قال الحضورُ
يكررُ غابرٌ ما قال ماضٍ … و قدماً أخلقَ المعنى الكرورُ
و أحلى القولِ أسلمهُ منالا … فما هذي الشقاشقُ والهديرُ
تطبعتِ القرائحُ واطمأنتْ … فلمْ يتكفؤنك يا صبورُ
بهذا الحكمُ حين تحالباها … نقائضَ حاز زبدتها جريرُ