فقيد الوطنية – إيليا أبو ماضي
بكيت ولكن بالدموع السخينة … وما نفذت حتى بكيت بمهجتي
على كامل الأخلاق والنّدب مصطفى … فقد كان زين العقل زين الفتوّة
نعاه لنا الناعي فكادت بنا الدّنى … تميد لّهول الخطب خطب المروءة
وذابت قلوب العالمين تلهّفا … وسالت دموع الحزن من كلّ مقلة
أجل قد قضى في مصر أعظم كاتب … فخلّف في الأكباد أعظم حسرة
ولو كان يفدى بالنفوس من الرّدى … جعلنا فداه كلّ نفس أبية
فتى مات غضّ العمر لم يعرف الخنا … ولم ينطوي في نفسه حبّ ريبة
وقد كان مقداما جريئا ولم يكن … ليغي الرّدى غير النفوس الجريئة
وكان جوادا لا يضنّ بحاجة … لذلك أعطى روحه للمنّية
سلام على مصر الأسيفة بعده … فقد أودعت آماله جوف حفرة
خطيب بلاد النيل مالك ساكنا … وقد كنت تلقي خطبة إثر خطبة؟
تطاولت الأعناق حتى اشرأبّت … فهل أنت مسديها ولو بعض لفظة؟
نعم كنت لولا الموت فارج كربها … فيا للرّدى من غاشم متعنّت
تفطّرت الأكباد حزنا كأنّما … مماتك سهم حلّ في كلّ مجة
وما حزنت أم لفقد وحيدها … بأعظم من حزني عليك ولوعتي
تناديك مصر الآن يا خير راحل … ويا خير من يرجى لدفع الملّمة
عهدتك تأبى دعوة غير دعوتي … فمالك تأبى( مصطفى) كلّ دعوة؟
فقد تك ريانا فيا طول لهفتي … لقد كنت سيفي في الخطوب وجنّتي
أجل طالما دافعت عن مصر مثلما … يدافع عن مأواه نحل الخليّة
فأيقظها من رقدة بعد رقدة … وأنهضتها من كبوة تلو كبوة
وقوّيت في أبنائها الحبّ نحوها … وكنت لهم في ذاك أفضل قدوة
رفعت لواء الحقّ فوق ربوعها … فضم إليه كلّ ذي وطنيّة
لئن تك أترعت القلوب محبة … فإنّك لم تخلق لغير المحبّة
فنم آمنا وفيت قومك قسطهم … فيا طالما ناموا وأنت بيقظة
سيبقي لك التاريخ ذكرا مخلدا … فقد كنت خير الناس في خير أمّة
عليك من الرّحمن ألف تحية … ومن أرض مصر ألف ألف تحيّة