فزع الدجى لأنينه المتردد – أحمد محرم
فزع الدجى لأنينه المتردد … وبدا الصباح له بوجهٍ أربد
ملقًى على عادي الصعيد ملحب … في الحرب يلتحف النجيع ويرتدي
هاجته يوم الروع حمية باسلٍ … خواض أهوال الكريهة أنجدٍ
يحمي الحقيقة يوم تلمع في الطلى … بيض الظبى تحت العجاج الأسود
شق الصفوف إلى الحتوف مغامراً … في الحرب يوقدها ولما تخمد
لا يرهب الموت الوحي إذا دنا … ويخاف قول اللائمين ألا ابعد
مستبسلٌ تحت العجاج كأنه … صادٍ تعلله السيوف بمورد
نصبت له الجنات تحت ظلالها … فهفا إليها كرة المستشهد
ودنا فحياه النبي وكبرت … شهداء بدرٍ حول ذاك المشهد
نفذت عليه الفيلقين قذيفة ً … مالت بمنكبه وطارت باليد
فهوى يهز العرش رجع أنينه … ويثير من حرد المسيح وأحمد
عكفت عليه الطير تحسب أنما … طاحت به أيدي الردى وكأن قد
باتت مناسرها تمزق لحمه … حياً وبات يقول هل من منجد
أين الفوارس يمنعون بقيتي … مالي جفيت وكيف لي بالعود
أين البنون وكيف أمست أمهم … ماذا أحل بها المغير المعتدي
هل صين عرضٌ بالعفاف مطهرٌ … صوني له أيام لم نتبدد
وغدا البنون منعمين نواضراً … يتجاذبون ظلال عيشٍ أرغد
هيهات قد شغل الفوارس همها … ونأى بها طرد النعام الشرد
يا ليتني معهم أغير مغارهم … وأذب عن وطني بحد مهندي
أين الأساة فقد ظمئت إلى الوغى … وهي الشفاء لغلة القلب الصدي
أأموت أو يبقى الحسام مضاجعي … والحرب عاصفة الردى لم تركد
إني لأخشى أن يعاجلني الردى … فأظل محزون الصدى في مرقدي
باتت خيالات الحروب تشوقني … شوق الغوي إلى الحسان الخرد
من مخذمٍ ماضي المضارب فيصل … ومسومٍ طاوي الجوانب أجرد
ومعضلٍ تسقى الكماة سمامه … وكأنما تسقى سمام الأسود
يطفو الردى آناً ويرسب مرة ً … من هوله في ذي غوارب مزبد
أعيا على عزريل خوض غماره … فارتد يرقب أية ً يهوى الردي
أين الأساة تقيمني من ضجعة ٍ … نفد العزاء وهمها لم ينفد
لباه من أعلى الكنانة أروع … ماضي العزيمة ليس بالمتردد
مترادف النجدات منصلت القوى … متطايح النخوات واري الأزند
يرمي مهولات الخطوب بمثلها … من عزمه حتى تقول له قدي
لبى الجريح ففارقته كلومه … ومضى فكانت وقعة ً لم تجحد
فسقا الحيا القوم الذين تكفلوا … بقضاء حقٍ للهلال مؤكد
من أريحي بالندى متدفقٍ … أو أحوذي للسرى متجرد
يجتاب أجواز المهامة ضارباً … فيها بأخفاف المطايا الوخد
ماضٍ على هول السرى يفري الدجى … بمضاء عزمٍ كالشهاب الموقد
وإذا الهجير توقدت جمراته … أوفى فكافحها ولم يتبلد
قذفت به المرمى البعيد صريمة ٌ … تهفو نوازعها بأبلج أمجد
جم النزاع إلى الصعاب يخوضها … كلفٍ بغايات العلى والسؤدد
قطاع أقران الأمور مغامرٍ … فيها بهمه ذي بوادر أصيد
لم يلهه أربٌ ولم يقعد به … قول المغرر ألق رحلك واقعد
لما وقفنا للوداع عشية ً … خفقت لموقفنا قلوب الحسد
جبريل ثالثنا وعينٌ محمدٍ … ترنو إلينا من بقيع الغرقد
ودعته وكأننا لقنوتنا … وخشوع نفسينا بساحة مسجد
سر ظللتك من الإله غمامة ٌ … وكافة ٌ لك بالمنى والأسعد
وإذا أتيت الباسلين فحيهم … عني تحية شيقٍ متوجد
واسأل عن الشهداء أين قبورهم … فإذا عرفت فطف بها وتعبد
وإخالها بين الحطيم وزمزمٍ … ضرحت لهم أو في عراص الفرقد
لهفي ولهف المؤمنين على دمٍ … تهريقه أيدي الطغاة الجحد
هف القلوب العاطفات أمالهم … في الناس من ناهٍ ولا من مرشد
لهف الجلامد إن بين جنوبهم … موتى قلوبٍ عوليت بالجلمد
أقبلت تزحف بالفيالق ترتمي … بين القواضب والقنا المتقصد
والمرعدات تبيح كل ممنعٍ … وتطير أو تهوى بكل ممرد
القاذفات الموت أحمر هائلاً … ينساب بين مصوبٍ ومصعد
التاركات الأرض بين رواسخٍ … نزق الجوانب أو شوامخ ميد
ترمي فتجتاح الألوف حواصداً … وتظل جاثية ً كأن لم تحصد
يا عيد أي شجى ً بعثت ولوعة ٍ … لعيوننا وقلوبنا والأكبد
عاديتنا فحرمت صفو ودادنا … فإذا رجعت فصافنا وتودد
لله در المنعمين بمالهم … في الله لا نزراً ولا بمصرد
ظلت أكفهم تسح فديمة ٌ … من فضة ٍ وغمامة ٌ من عسجد
صاح المؤيد أدركوا جرحى الوغى … فإذا بهم مثل العطاش الورد
والمرء ما لم ينتدب لعظيمة ٍ … شنعاء يكشف هولها لم يحمد
إيهٍ بني مصرٍ وتلك إهابة ٌ … من عائذٍ بنوالكم مستنجد
كونوا كأم المحسنين سماحة ً … إن الموفق بالموفق يقتدي
رفعت منار الجود فيكم عالياً … تعشو الكرام إلى سناه فتهتدي
تلك المروءة خالداً مأثورها … والصنع محتقرٌ إذا لم يخلد