عُدنا وقوداً – محمد مهدي الجواهري

ولَّى شبابٌ فهلْ يعودُ … ولاحَ شَيْبٌ فما يُريدُ ؟

يُريد أنْ يُنقِصَ الليالي … مِنّيَ ظُلماً بما يَزيد

يا أبيضَ الريشِ طرْنَ منه … غِدفانُ رِيش الجَناحِ سُود

يا هُولةً تَفزَعُ المرايا … مِنه ويستصرخُ الوليد

يا حاملاً شارةِ الرَّزايا … يا ساعيَ الموتِ ، يا بَريدَ

يا ناغِزَ الجُرحِ لا يُداوي … إلاَّ بأنْ يُقطعَ الوريد

برغمِ أنفِ الصِّبا وأنفي … يَخضِبُ فَودي منكَ الصديد

وأنَّ رأسي يمشي عليهِ … تِيهاً عَدُوٌّ لهُ لَدود

كمْ ليلةٍ خوفَ أنْ تُواتي … أُترِعَ كأسٌ ورنَّ عُود

وكمْ وكمْ ، والشَّباب يَدري … رُوَِّعَ ظبيٌ فَنُصَّ جيد

أعائدٌ للشَّبابِ عيدُ ؟ … أمْ راجعٌ عهدهُ السَّعيد؟

أيَّامَ شرخُ الصِّبا وريقٌ … وظِلّهُ سجسجٌ مَديد

ونحنُ ، مِثْلَ الجُمانِ زهواً ، … ينظِمُنا عِقدُهُ الفريد

أمْ لا تلاقٍ ، فلا خطوطٌ … تُدني بعيداً ، ولا حُدود؟

مَنْ مُبلِغُ المُشتفينَ أنَّا … صِرنا لمِا يَطمحُ الحسودُ ؟

أنَّا استعَضْنا ثوباً بثوبٍ … وطالما استُبْدلَتْ بُرود

فراحَ ذاكَ العتيقُ غَضّاً … ولاحَ – رَثّاً – هذا الجديد

ألوى بنا عاطفٌ حبيبٌ … ومَلَّنا الواصِلُ الودود

قد كان يُشجي أهلَ التَّصابي … أنَّا على هامهِم ْ قُعود

لم ندرِ ما نَسْتزيدُ منهُ … لو قيلَ : هلْ عندَهُم مَزيد؟

نهارُنا مُترَفٌ بَليدُ … وليلُنا جامِحٌ عَنيد

فاليومَ إنْ تُعتصَرْ شِفاهٌ … أو تعتصَرْ – لَدْنَةً – قُدود

أو يطََّرِدْ قانِصٌ قَنيصاً … أو تُعْجبِ الأغيدِينَ غِيد

نقنعُ مِن لذَّةٍ ولهوٍ … أنَّا على عُرْسِهمْ شُهود

عُدنا وَقوداً .. وكُلُّ حيٍّ ، … للذَّة تُشتهى وَقود