عرِّجْ على الدِّراسة ِ القَفْرِ – الشريف المرتضى

عرِّجْ على الدِّراسة ِ القَفْرِ … ومُرْ دموعَ العين أن تَجري

فلو نهيتُ الدَّمعَ عن سَحِّهِ … و الدار وحشٌ لم تطعْ أمري

منزلة ٌ أسلمَها للبِلى … ” عبرُ ” هبوبِ الريح والقطرِ

فُجِعْتُ في ظلمائها عَنْوة ً … بطلعة ِ الشّمسِ أو البَدرِ

لهفانُ لامِن حرِّ جمرِ الجَوَى … سكرانُ لا من نَشْوَة ِ الخَمرِ

كأنَّني في جاحم من شَجاً … ومن دموعِ العينِ في بحرِ

عُجتُ بها أُنفِقُ في آيِها … ما كان مذخوراً من الصبرِ

في فِتْيَة ٍ طارتْ بأوطارِهمْ … في ذيلهمْ أجنحة ُ الدَّهر

ضيموا وسقوا في عراص الأذى … ما شاءت الأعداء من مرَّ

كلَّ خميصِ البطن بادي الطوى … ممتلىء الجلد منِ الضُّرِّ

يبري لحا صعدتهِ عامداً … بريَ العصا من كان لا يبري

كأنَّهُ من طولِ أحزانِهِ … يساقُ من أمنٍ إلى حذرِ

أو مفردٌ أبعده أهلهُ … عن حيهِ من شفقِ العرَّ

يا صاحبي في قعر ممطوية ٍ … لو كان يرضى ليَ بالقعرِ

أما ترانيَ بينَ أيدي العِدا … ملآنَ من غيظٍ ومن وِتْرِ 

تَسري إلى جلديَ رُقْشٌ لهمْ … و الشرُّ في ظلمائها يسري

مُرَدَّدٌ في كلِّ مَكروهة ٍ … أنقلُ من نابٍ إلى ظفرِ

كأنني نصلٌ بلا مقبضٍ … أو طائرٌ ظلّ بلا وكرِ

بالدّار ظُلماً غيرُ سُكّانها … وقد قَرَى مَن لم يكن يَقْري

والسَّرحُ يرعَى في حميم الحِمَى … ما شاء من أوراقه الخضرِ

و قد خبا لي الجمرَ في طيهِ … لوامعٌ يُنْذرنَ بالجَمْرِ

لاتَبكِ إنْ أنتَ بكيتَ الهدَى … إلاّ على قاصمة ِ الظَّهرِ

و ابكِ حسيناً والألى صرعوا … أمامَه سَطراً إلى سَطرِ

ذاقوا الرَّدَى مِن بعدِ ما ذَوَّقوا … أمثالَهُ بالبيضِ والسُّمْرِ

قتلٌ وأسرٌ بأبي منكمُ … مَن نيلَ بالقتلِ وبالأسرِ

فقلْ لقومٍ جئتَهم دارَهمْ … على مواعيدٍ من النَّصرِ

قروكمُ لما حللتمْ بها … ولا قرى أوعية َ الغدرِ

و اطرحوا النهجَ ولم يحفلوا … بما لكمْ في مُحكم الذِّكرِ

و استلبوا إرثكمْ منكمُ … من غير حقٍّ بيدِ القَسْرِ

كسرتُمُ الدِّينَ ولم تَعلموا … وكسرة ُ الدِّين بلا جَبْرِ

فيا لها مظلمة ً أولجتْ … على رسول الله في القبرِ

كأنَّهُ مافكَّ أعناقُكمْ … بكفهِ من ربقِ الكفرِ

و لا كساكمْ بعد أن كنتمُ … بلا رِياشٍ حِبَرَ الفَخرِ

فهْوَ الذي شادَ بأَرْكانِكمْ … من بعد أن كنتم بلا ذكرِ

و هو الذي أطلع في ليلكمْ … من بعد يَأْسٍ غُرَّة َ الفجرِ

يا عصبَ الله ومن حبهمْ … مخيِّمٌ ماعشتُ في صدري

و من أرى ” ودهمُ ” وحدهُ … زادي إذا وُسِّدتُ في قبري

و هوَ الذي أعددتهُ جنتي … وعِصمتي في ساعة ِ الحَشْرِ

حتّى إذا لم أكُ في نُصْرَة ٍ … من أحدٍ كان بكمْ نصري

بموقفٍ ليس به سلعة ٌ … لتاجرٍ أنفقُ من برَّ

في كلّ يومٍ لكمُ سيدٌ … يُهدَى مع النِّيبِ إلى النَّحْرِ

كم لكُمُ من بعدِ شِمْرٍ مَرَى … دماءكمْ في التربِ من شمرِ

ويحَ ” ابنِ سعدٍ عمرٍ ” إنهُ … باعَ رسولَ اللهِ بالنَّزْرِ

بغى عليهِ في بني بنتِهِ … و استلّ فيهمْ أنصلَ المكرِ

فهوَ وإنْ فاز بها عاجلاً … مِن حطَبِ النّار ولا يدري

متى أرى حقكمُ عائداً … إليكمُ في السرَّ والجهرِ ؟

حتى متى ألوى بموعودكمْ … أمطلُ من عامٍ إلى شهرِ ؟

لولا هناتٌ هنّ يلونني … لبحتُ بالمكتومِ من سرى

ولم أكنْ أقنَعُ في نصركمْ … بنَظْمِ أبياتٍ منَ الشِّعرِ

فإنْ تَجلَّتْ غُمَمٌ رُكَّدٌ … تَركنني وَعْراً على وَعْرِ

رأيتموني والقنا شرعٌ … أبذُلُ فيهنَّ لكم نَحْري

على مطا طرفٍ خفيفِ الشوى … كأنّهُ القِدْحُ من الضُّمْرِ

تخاله قد قدَّ من صخرة ٍ … أو جِيبَ إذْ جِيبَ منَ الحَضْرِ

أعطيكُمُ نفسي ولا أرتضي … في نصركمْ بالبذل للوفرِ

و إنْ يدمْ ما نحن في أسرهِ … فاللهُ أولى فيه بالعذر