عثرتَ يومَ العذيبِ فاستقلِ – مهيار الديلمي
عثرتَ يومَ العذيبِ فاستقلِ … ما كلُّ ساعٍ يحسّ بالزَّللِ
ما سلمتْ قبلك القلوبُ على ال … حسن ولا الراجمون بالمقلِ
راحوا بقلبي وغادروا جسدا … أعدى بلاه ربعَ الهوى فبلي
وقفتُ فيه ولا ترى عجبا … كطللٍ واقفٍ على طللِ
سل إخوتي في قصور فارسَ عن أخ … عزيز يضامُ في الحللِ
يا قوم إن العذيبَ بعدكمُ … يأخذني بالطوائل الأولِ
لا تطلبوا في طلى الرجال دمى … إنّ دمي في غوارب الإبلِ
كأنها بالحمول واطئة ٌ … صفحة َ خدّي تمشي إلى أجلي
يا عجبا صادني عنادا على … وجرة َ ظبيٌ يصاد بالحيلِ
مدَّ حبالا من الذوائب واس … ترهف يرمي نصلا من الكحلِ
ما اختصَّ منى السِّقامُ جارحة ً … على جهاتي أغراضُ منتبلي
إذا لحاظي لجسميَ امتعضتْ … من الضنا قال قلبيَ احتملِ
كلّ عذابِ الهوى بليتُ به … ولو كفيت الملامَ لم أبلِ
قد اشتفى الدهرُ من قساوته … وما اشتفى العاذلاتُ من عذلي
يا قصر الليلِ دمْ لنائمه … فالليلُ لولا السهاد لم يطلِ
أحال دمعي لونَ السواد من ال … عين ولونُ الظلام لم يحلِ
وأنكرتْ عينيَ النهارَ من اع … تياد ليلاتِ همّي الطِّولِ
ظاهرَ ثوبا من السلامة لي … فوقَ أديمٍ محلَّمٍ نغلِ
يسقينيَ الصابَ إن وصفتُ له … ظماءة ً من إدواة العسلِ
مبتسم لي من غير ما مقة ٍ … ما كلّ لحظٍ بالماقِ عن قبلِ
إذا استجدَّتْ له ثيابُ غنى ً … رحتُ بثوبٍ من غدره سملِ
يرى بعينيه كلَّ منصدع … يرأبُ إلا ما سدّ من خللي
يرى ذهابَ الساداتِ سوّده … إن التفاني وسمٌ على الغفلِ
قلْ للئيم يضمّ راحته … خوف سؤالي أعفيتَ فاعتزلِ
كففتها ترهبُ العطاءَ فما … أحسنها لو تكفُّ من شللِ
عهدي بمال الجواد يأمنني … فكيف قد خفتني مع البخلِ
ما لك ترتاع للسماع إذا … سيل أناسٌ وأنت لم تسلِ
غضبان تبغى شرّى بلا ترة ٍ … ولا يدٍ أنت ربُّها قبلي
يُذمُّ مسترجعُ النوالِ فهل … تكون مسترجعا ولم تنلِ
يا عاقداً صبوة َ الحسان إلى ال … حاجات حرصا بغارب الجملِ
يطلبُ ما أمهلَ القضاء به … من الغنى في سفارة العجلِ
حيرانَ يضحي على أمانٍ من ال … أرض ويمسي منها على وجلِ
حطَّ وقد أعتمتْ مذاهبه … ينظر رشدا أقمرتَ فارتحلِ
هدا عميد الكفاة نارُ قرى ال … ليل وكشَّافُ أوجهِ السُّبلِ
دلَّ على جوده تبسُّمهُ … والشرقُ يشرى بالعارض الهطلِ
أبلجُ وافٍ سربالُ سوددهِ … على سرابيلِ قومه الفضلِ
فات به أن تداس حلبته … سنُّ فتى ً ورأى مكتهلِ
قرّ وما ألقيت تميمته … وساد في عشر عمره الأولِ
مستيقظ الظنّ ألمعيٌّ إذا … أخلفَ ليلُ النَّوَّامة ِ الوكلِ
يكاد من طاعة الوفاق له … يصلح بين الجنوبِ والشَّملِ
صحّت له في الندى بصيرتهُ … فما يردُّ السؤالَ بالعللِ
وعاقد الغيثَ أن يساهمه ال … جودَ بكفٍّ محلولة ِ العقُلِ
من معشرٍ شاب مجدهم في صبى ال … دهر وداسوا أوائلَ الدولِ
إذا هوى الناسبون في صببٍ … تطلَّعوا من ذوائب القللِ
خلّوا عن المال أيديا وهبوا … منها مكانَ الأموال والقبلِ
يصبح رزقُ الأنام تحت يدٍ … منهم وثقل الدنيا على رجلِ
كلّ غلامٍ ضربٍ يخفّ إلى ال … ضرب خفوفَ الصَّناع للعملِ
لو شاء مما طالت حمائله … مسّ قياما ثعالبَ الأسلِ
شابهَ طيبُ الولاد بينهمُ … وفقَ الأنابيبِ في القنا الذُّبلِ
محمدٌ كالحسينِ سبقا إلى … غايته والحسينُ مثلُ علي
يبغى مساعيك متعبٌ يدهُ … تفتُلُ حبلا لشاردِ الإبلِ
وما جنت خيبة ً كرجلِ فتى ً … يمشي على النار غيرَ مشتعلِ
أنعمتمُ لي خوض الرجاء وقد … كنت أحلاَّ منه عن البللِ
وزاد شعري فيكم على فكري … مزيدَ إحسانكم على أملي
لكنّه يقتضي مكارمكم … تعجيلُها ما يفوت بالمهلِ
وأن أكون الشريكَ في جمّة ال … ماءِ كما قد شركتُ في الوشلِ
كلّ يدٍ في مديحكم غمستْ … غيرَ يدي فهي كفُّ منتحلِ
وكلّ قلب بعدي أحبَّكمُ … قلبُ دخيلِ الودادِ منتقلِ
كم جلوة ٍ حلوة ٍ زففتُ لكم … فيها هديّاً من خاطرٍ غزلِ
كالشمس يأتيكم الصباحُ بها … عذراءَ حتى تجلى مع الطَّفلِ
طيّبة الرُّدنِ بالذي ضمنت … من سيرة ٍ فيكم ومن مثلِ
تكثرِ مع حسنها الوصالَ فما … أخشى عليها إلا من المللِ
أثقلتمُ حملَ جيدها فإن از … دادت فللفخر ليس للعطلِ
كم حاسدٍ قد مشى الضَّراء لها … لما استقامت برأيه الخطلِ
رجا بما قال عندكم وزرا … ينجيه من غيظه فلم ينلِ
لو لم توسّع له مسامعكم … ما طمع الصّلُّ في فم الوعلِ
يقصُّ إثرَ الشذوذِ يلتمس ال … عيبَ وينسى الإحسان في الجملِ
له إذا امتدّ باعُ همّته … ذكري بالعيب والمحاسنُ لي
كفى احتقارا تركي إجابته … لو كان ممن يجابُ لم يقلِ