طَرَقَتْ فَنَمَّ عَلى الصَّباحِ شُروقُ – الأبيوردي

طَرَقَتْ فَنَمَّ عَلى الصَّباحِ شُروقُ … واللَّيلُ تَخْطِرُ في حَشاهُ النُّوق

وَالنَّجْمُ يَعثُرُ بِالظَّلامِ فَيَشتَكي … ظَلعاً ليجذِبَ ضَبْعِهُ العَيُّوق

فَاسْتَيْقَظَ النَّفَرُالهُجودُ بِمَنْزِلٍ … لِلقلبِ مِنْ وَجَلٍ لَدَيهِ خُفوقُ

وَالرُّعْبُ يَسْتَلِبُ الشُّجاعَ فُؤادَهُ … وَيَغُضُّ مِنْ كَلماتِهِ المِنطيقُ

نَزَلَتْ بِنا وَاللَّيْلُ ضافٍ بُرْدُهُ … ثُمَّ انثنتْ وقَميصُهُ مَخْروقُ

والأُفقُ مُلْتَهِبُ الحَواشي يَلتظي … وَالأرضُ ضاحِيَة ُ الوشُومِ تَروقُ

لِلّهِ ناضِرَة ُ الصِّبا يَسْرِي لَها … طَيفٌ إذا صَغَتِ النُّجومُ طَروقُ

طَلَعَتْ عَلينا، والمُعَرَّسُ عالِجٌ … وَالعِيسُ أَهوَنُ سيرهِنَّ عنِيق

وَاللَّيْلُ ، ما سَفَرَتْ لَنا ، عَجِلُ الخُطا … وَالرَّملُ، ما نَزَلتْ بِهِ، مَوموق

هَيفاءُ نَشْوَى اللَّحْظِ يُقْصِرُ طَرْفَها … خَفَرٌ، وَيَسْكَرُ تارة ً وَيفيقُ

فَكأَنَّهُ، وَالبَينُ يُخضِلُ جَفنَهُ … بِالدَّمْعِ مِنْ حَدَقِ المَها مَسْروقُ

يا أًخْتَ مُقتَنِصِ الكماة ِ بِمَوقِفٍ … لِلْنَسْر تَحْتَ عَجاجِهِ تَرنِيقُ

أَتَركتنا بِلوى َ زَرُودَ، وقد صَفا … عَيْشٌ كَحاشية ِ الرِّداءِ رَقيقُ

وَالرِّيحُ أَيقَظَتِ الرِّياضَ ، وَلِلْحيِا … فيها إذا رَقَدَ العَرارُ، شَهيقُ

وَطَلَبْتِنا وَعَلى المُضَيَّحِ فَالحِمَى … مَغْدَى النَّجائِب، وَالمَراحُ عَقيقُ

هَلاّ بخلتِ بنا، وَنَحْنُ بِعبطَة ٍ … وَالدَّهْرُ مَصْقولُ الأَديمِ أَنيقُ

وَعَلَي مِن حلَلِ الشَّبابِ ذَوائِبٌ … عَبِقَتْ بِريّا المِسْكِ وَهْوَ فَتيقُ

وَهَوايَ تِلْوُ هَواكِ في رَوقِ الصِّبا … حَتَّى كَأَنَّ العاشِقَ المَعْشوقُ

وَتَصَرَّمَتْ تِلكَ السِّنونَ وَشاغَبت … نُوَبٌ تَفُلُّ السَّيفَ وَهوَ ذَليقُ

عَرَضَتْ عَلى غَفَلاتِ ظَنِّي عَزْمة ٌ … لَمْ يستَشَفَّ وراءَها التَّوفيقُ

واسترقصَ السَّمعَ الطَّروبَ روَاعِدٌ … وَاسْتَغْوَتِ العَيْنَ الطَّموحَ بُروقُ

وَأُشبَّ لي طَمَعٌ، فليتَ ركائبي … عَلِمَتْ غَداة َ الجِزْعِ أَينَ أسوقُ

فَغَرَفْتُ ما جَنتِ الخُطوبُ وَلم أُطل … أَملاً، فما لِمخَيلة ٍ تَصديقُ

وَنَجوتُ منصَلتاً وَلَم أَكُ ناصِلاً … سِيمَ المُروقَ فَلَمْ يُعِنْهُ الفُوقُ

وَإذا اللَّئيمُ تَغَضَّنَتْ وَجَناتُهُ … بُخْلاً ، وَجَفَّ بِما ضِغَيْهِ الرِّيقُ

فَالعَرْصَة ُ الفَيحاءُ مَسْرَحُ أَيْنَقٍ … لَمْ يَنُبُ عَن عَطَنٍ بِهِنَّ الضِّيقُ

وَعَلى نَدى المُستَظهِرِ بنِ المقتدى … حامَ الرَّجاءُ يُظِلُّهُ التَّحقيقُ

وَرِثَ الإِمامَة َ كابِراً عَن كابِرٍ … مُتَوكِّلِيٌّ بِالعَلاءِ خَليقُ

كَهْلُ الحِجى عَرُضَتْ مَنادِحُ رأْيِهِ … والغُصْنُ مُقْتَبِلُ النَّباتِ وَريقُ

خَضِلُ البَنانِ بِنائلٍ ، مِنْ دُونِهِ … وَجهٌ يجولُ البِشرُ فيهِ طَليقُ

تَجْري عَلى ظَلَعٍ إلى غاياتِهِ … هَوجاءُ طائِشَة ُ الهُبوبِ خَريقُ

وَيُخَلَّفُ المُتَطَلِّعينَ إلى المَدى … في الفَخرِ مُنجَذِبُ العِنانِ سبوقُ

وَيُقيمُ زَيغَ الأمْرِ ، ناءَ بِعِبْئِهِ … ذو الغارِبِ المَجْزولِ ، وَهْوَ مُطيقُ

وَعَلَيهِ مِن سيماءِ آلِ مُحَمَّدٍ … نُورٌ يُجيرُ عل الدُّجى مَرموقُ

وَالبردُ يَعلَمُ أَنَّ في أثنائِهِ … كَرَماً يَفوقُ المُزْنَ ، وَهْوَ دَفوقُ

أَفْضَتْ إليهِ خِلافة ٌ نَبويَّة ٌ … مِنْ دونِها لِلْمَشْرَفِيّ بَريقُ

فَاحتالَ مِنبرها بهِ وَسريرُها … وَكِلاهُما طَرِبٌ إليهِ مشوقُ

فَالآنَ قَرَّتْ في مُعَرَّسِها الّذي … كانَتْ على قَلَقٍ إليهِ تَتُوقُ

لَكَ يا أميرَ المؤمنينَ تُراثُها … وَبهِ استَتَبَّ لَها إليكَ طَريقُ

وَلَكَ الأَيادي ما يَزالُ بِذكرها … يَطْوي الفَلا مَرِحُ النَّجاءِ فَنيقُ

وَمَناقِبٌ يَزْدادُ طولاً عِنْدَها … باعٌ بِتَصْريفِ القَناة ِ لَبيقُ

شَرَفٌ مَنافِيٌّ ، وَمَجْدٌ أَتْلَعٌ … يَسمو بهِ نَسَبٌ أَعزُّ عَتيقُ

وَشَمائلٌ طَمَحَتْ بِهِنَّ إلى العُلا … في سُرَّة ِ البَلَدِ الأَمينِ عُروقُ

وَبَلَغْتَ في السِّنِّ القَريبَة ِ رُتْبَة ً … نَهَضَ الحَسودُ لَها فَعَزَّ لَحوقُ

وَنَضا وَزيرُكَ عَزْمة ً عَرَبيَّة ً … نَبَذَتْ إلَيكَ الأَمْرَ وَهْوَ وَثيقُ

وَدَعا لبيعَتِكَ القُلوبَ فَلَمْ يَمِلْ … مِنها إلى أَحدٍ سِواكَ فَريقُ

يَرمي ورَاءَكَ وَهوَ مَرهوبُ الشَّذا … وعليكَ مُلْتَهِبُ الضَّميرِ شَفيقُ

رَأيٌ يُطِلُّ على الخُطوبِ فَتَنْجَلي … عَنْهُ ، وَكَيْدٌ بِالعَدُوِّ يَحيقُ

لا زالَ مَمْدودَ الرِّواقِ عَلَيْكُما … ظِلٌّ يَقيلُ العِزُّ فيهِ صَفيقُ