صوت من النجف – محمد مهدي الجواهري
أنابغةَ الدين الذي دون عِرضه … تدافع يُسراه وتحمي يمينُهُ
مقالُك هز المشرقَيْنِ وقد بكى … لما هاجه ركن َ الصفا وحَجونه
شحذتَ له الذهن الذكي توقداً … كما شحذت عضبَ الغِرار قُيونه
فجاء كما راقت شَمولٌ أجادها … بنا جَوْدُها دهرأسفَّتْ سنسنه
وما كنت شيعياً ولكن مذهباً … دعاك لكف الظن عنه يقينه
صدقتَ فإما ذنبُه فسكوتُهُ … لدنيا وأما عاره فسكونه
كثيرٌ محبوه الكرام وإنما … لما قد عراه أخرستهم شجونه
هو الدين اما حاكمته خصومه … فقرآنُهُ يقضي عليهم مبينه
وما هو الا واحد في جميعه … وإن رجم الغاوي وساءت ظنونه
أخلايَ ما أحلى التآلفَ في الهوى … إذا كثُرت عُذّالُهُ وعُيونه
هلُموا فهذا الروض زاهٍ أريضُهُ … لنرتاده والماءُ صاف معينه
نسير معاً لا العرق مني بنابِض … سواكم ولا عهد الإخاء أخونه
فلو ريْمَ كشفُ الستر عن قبر أحمدٍ … إذن لشجانا نَوْحُه وحنينه
تجمعنا من أمره لو نطيعه … ووحدتناً من عهده لو نصونه
أعد نُصرةَ الاسلام تقض دُيونه … سيَجزيك عنه الله فالدين دينه
أثرها على اسم الله نفثةَ واجد … تهيج الذي يطوى عليه حزينه
الستَ الذي إن قال أصغت لشعره … رياض الحمى واستنشدته غُصونه
يبين له السرُّ الخفي اذا خفى … على غيره ما لا يكاد يبينه
وتُرقص أوتار القلوب لحونُه … يُخال بها مسُ الصبَّ او جنونه
فلا تبتئسْ ان طاولتك قصائر … وناطحتك الكبشُ الخفاء قرونه
فذلك دأب الدهر جرَّع من مضى … بمثل الذي جُرِّعَته مَنْجَنُوْنُه
مضى عالم الآداب عنا فهذه … حقائقه تفنى ويحيا مُجونه
وللعلم مثل َ الشعب عمرٌ مقدر … وكلا أراه حان للموت حينه
أفي العدل يعلو من ذُباب طنينه … ويَصغِر بالليث الهزبر عرينه
ويسكت عن حق ويعزى بباطل … وتغضي على هضم الأبي جُفونه
ويُظلم من كانت تَهَشُ لصوته … سهول الفلا شوقاً وتبكي حُزونه
يُردّد في صدح الهزار صُداحُهُ … وتستقطر الصخر الاصم لُحونه
وما كان بالمستضعف العزم من سطا … بعز المعالي والمعالي تُعينه
وراءك أقلام يهوِّن وقعُها … شبا السيف إن ساوى القرينَ قرينه
تُمَدُّ بها أيدٍ طِوال يُطيعها البيانُ … جنيباً إن تعاصت فُنونه
ويَرْفِدها الفكر الغزير كأنه … مصبُّ غدير طافحات ٌ مُتونه