شوقي وحافظ – محمد مهدي الجواهري
يا لَلرفاق ومثلُ ما كابدتُه … مما أُلاقي كابَدَتْهُ رفاقي
وطني نقيض شُكوله فرجالهُ … شابوا وما شّبوا عن الأطواق
عِتْقُ النِجار يَبين بين خُيوله … أما الرجال به فغير عِتاق
ضرب الأسى سُوْراً عليه وأحدقت … سودُ الحوادث أيَّما إحداق
إيهٍ خليليَ لا تَرُزْني طامِعاً … في منطقي فيَريبَكَ استنطاقي
فلقد أكون وما غُلقن مقاولي … واليوم وهي كثيرة الأغلاق
إن أطوِ يلتهبِ الضميرُ ، وإن أبُحْ … يوما ففوق يدي يد الارهاق
ممَّ التعجبُّ صاحبِيَّ وإنما … قَسَمَ الحظوظ مقسِّم الأرزاق
والحَذق في سبك القريض وصوغه … متفاوت متفاوت الحُذاق
وأجلُّ ما ترك الفتى من بعده … أثرٌ على مر الليالي باق
لا يفخرنْ أحد علىَّ بشعره … الفخرُ مدَّخرٌ ليوم سباق
” شوقي وحافظ ” لا يَجُسُّ سواكما … نَبْضَ القريض وما له من واق
لكما الخِيارُ إذا الرجال تنافسوا … أو حرّروا دعوى بلا مِصداقق
أن تَقْتُلا أو تُحرقِا متشاعراً … أو تقطعا يد شاعر سرّاق
هل تحكمانِ اليومَ حكماً عادلاً … خِلواً من الارهاب والاشفاق
في شاعر لزِم البُيوتَ وأخفقت … منه المآرب أيَّما إخفاق
لكما شكا ظلم العراقِ ، وذِلةٌ … أن يشتكي ظلمَ العراق عراقي
أهدى سوايَ نفيسَه وأنا الذي … أُهدي إليه نفائسَ الأعلاق
” شوقي وحافظ ” أوضِحا في أيَّنا … لُطْفُ الخيال والشعورُ الراقي
أأنا الذي اتخذ البلاد شعاره … أم هم وقد لبسوا ثياب نفاق
في كل يوم في رداءٍ وَفْقَ ما … تفضي بذلك عملةُ ” الأوراق “
وأنا الذ أعطى القوافيَ حقها … مِن ناصعاتٍ في البيان رِقاق
تُجلى على قُرَّائها فتُميلُهُمْ … سكراً كما يَجلو السُّلافَ الساقي
أم هم وكم بيتٍ لهم مستجَنٍ … ناب عن الأسماع والأذواق
وأنا الذي صان القريض عن الذي … يُزري به من فُرقةٍ وشِقاق
ومدائح كانت لفرط غُلُوِّها … تشكو من المخلوق للخلاق
أم هم وقد باعوا الضمائر واشتروا … عيشَ الذليل وبُلغةَ الأرماق
غَنَّوا سواهم يطلُبون عَتاده … فكأنهم ” جَوْق ” من الأجواق
أبياتُكمْ تبقى لهمْ وهباتُهُمْ … ليست بباقية على الانفاق
وأجلُّ من هبةٍ يُذِلَّ بها الفتى … أشعارَهُ صبرٌ على الاملاق
عاراً أرى وانا ” الأديب ” بضاعتي … معروضةً كبضائعِ الأسواق
كيف التجددُ في القريض وأهلُه … شدّتْهُمُ أطماعهم بوثَاق
أخذوا على الآداب من عاداتهم … وجمودِهم فيها بكل خناق
إني لأصبو للقريض تهذّبت … منه الحواشي ، صبوةَ المشتاق
وأُريدُ شعراً ليس في أبياته … غيرُ القلوب تَبِين للأحداق
وأجل ما خلق الاله لخلقه … وحسابُ فضلِ الله غير مطاق:
الشعرُ في تأثيره ، والغيثُ … في آثاره ، والشمسُ في الاشراق