شهيد العرب – محمد مهدي الجواهري

وطني الغضيضُ إهابُهُ … أصبو له وأهابُهُ

خُضْر الحقولِ طَعامُه … والرافدان شَرابه

حَبُّ القلوبِ رِمالهُ … كُحْلُ العيون تُرابه

إن ساءَ مبدأُ موطني … فعَسىَ يَسَرُّ مآبه

لم يبقَ فيه بقيِّةٌ … ظُفْرُ الزمان ونابه

بيد الظروفِ دَنيَّةٌ … العوبةٌ أحزابه

وعلى رَحَى تفريقه … مطحونةٌ ” أقطابه”

شعراؤُهُ متكالبونَ … ومثلهم كُتّابه

هيهاتَ ينهضُ موطنٌ … حُبُّ التقسمُّ دابه

سَحقَ الزمانُ رؤوسَه … فترأسَّتْ اذنابه

فاذا نَبَا دهرٌ به … فحُماتهُ نُهَّابه

تبغي السفورَ نساؤهُ … وعلى الرجال حِجابه

ضجَّت جُيوبُ الأجنبي به … وضجَّ ” وطابه “

من طول ما امتلأتْ به … أكراشُه وعِيابه

وابنُ البلادِ على الكفاف … يطولُ فيه حِسابه

تبكي لنقص الساكنينَ … قصورهُ وقِبابه

ومن المذلّةِ حُمِّلتْ … مالا تُطيقُ رقابه

مضَّ العتابُ به وذو … الشكوى يُمِضُّ عِتابه

والشاعرُ الغَضبانُ اعذرُ … ما تكونُ غِضابه

الموجعاتُ حسانُهُ … والمُبكياتُ عِذابه

لو لم يُنفه بالقريض … أودِت بهِ أوصابه

قلبي وشِعري سالَ من … هذا وذاكَ مُذابه

حيِ الشبابَ تناهضُوا … فخر العراق شَبابه

بِهُمُ ازدهتْ نهضاته … وبهِمْ سَمَتْ آدابهُ

صُونوا القضيةَ اِنها … سِرٌّ وأنتُمْ بابه

أما السؤالُ ” فقبرِصٌ ” … ” وأبو عَليَ ” جَوابه

البَرُّ ضاقَ فسيحهُ … والبحرُ جاشَ عُبابه

يومَ استقَّلتْ بالمليكِ … ابي الملوك رِكابه

يا نازحاً عَودُ الكرامة … عودُهُ وإيابهُ

هذا كتابكَ والفتى … تاريخهُ وكتابه

اللهُ يعرِفُ ما أتيتَ … وبيتهُ وشِعابه

وأخو المتاعبِ لا يَضيع … سُدىً ولا أتعابه

سيّانِ شُهدُ الدهر عند … العاملين وصَابه

ولعزة الأوطان هان … على ” الشهيد ” مُصابه

أمر جليل بالتقاعس … لا تُراضُ صعابهُ

وبقدر مَسعى الطالبينَ … له يكونُ طِلابه

ما للفؤادِ وُعودهُ … طالَتْ فطالَ عَذابه

واذا تغالَبَ والرَجاءُ … فيأسُه غِلابه

والدهرُ يُنبيء أنَّ … أحزانَ الوَرَى أطرابُه

ظمآنةٌ لا تمتَلي … من عَبرةٍ أكوابهُ

وطني وفوق الذَنبِ … كان جزاؤه وعِقابه

بشَّرتُهم بِعمارهِ … اذ قيلَ تمَّ خَرابه

مُلْك أريدَ ” دَمارُه” … فتعجَّلتْ أسبابه

قَلبُ السياسةِ لا ترِقُّ … على الضعيفِ صِلابه